إجازتنا.. ضياع أوقات وتعقيد إجراءات!

في كل عام تتكرر الإجازة الصيفية، تطول مدتها أحيانًا وتقصر في بعض الأزمنة، ولكنها في هذا العام طويلة جدًا تفوق مائة يوم، مما يعني وقتًا أطول لإقامة المزيد من الفعاليات والأنشطة والمهرجانات؛ بحيث يجد أكثر من مليون ومائتي ألف شاب وفتاة متنفسًا لقضاء أوقاتًا مفيدة وأنشطة فاعلة وبرامج مفيدة.
والمشهد يفترض فيه كثافة للفعاليات وتنوعًا في الأنشطة وتعددًا في البرامج، بحيث يكون هناك إرضاء للذائقة وإشباعًا للميول، وهذا التحدي الخطير يبدو -مع بالغ الأسف- أنه لم يتم أخذه بعين الاعتبار، والمتتبع لما يجري يجد ما يلي:
- من خلال معايشة شخصية لإقامة مناسبة رسمية ولجهة حكومية فإني أستطيع القول بأنه لا زالت بعض جهاتنا ترزح تحت طائلة البيروقراطية والروتين؛ ولك أن تتخيل أنه لكي يصدر لك تصريح لإقامة ذلك المنشط، فإنه يلزمك طرق أبواب متعددة والولوج لدهاليز الروتين، والمتابعة المضنية، حتى تُصاب بالإحباط وتُقرر العزوف عن المشاركة مستقبلًا في أي نشاط اجتماعي ثقافي!
- العجيب أن تلك الجهات بدلًا من أن تكون مساهمة في كل ما يخدم مجتمعها، فإنها على العكس تجدها متمسكة بالروتين ولا تتنازل عن مفاصله وتفصيلاته، ولقد عاينت أمورًا لم تكن متوقعة على الإطلاق (أرجو أن تتاح الفرصة للحديث عنها بالتفصيل في مقال قادم).
- يبدو واضحًا تكرار بعض الجهات لذات الفعاليات مما يتسبب في العزوف عن الحضور، وهنا يفترض التجديد والتنويع، إذ الشاب لا يستهويه أي نشاط في زماننا، ولا بد من الأخذ بعنصر الجذب والتشويق.
- يبدو جليًا عدم إعطاء الإعلام الأهمية المطلوبة؛ فجهة من الجهات تزعم أن لديها عشرين منشطًا في حين أن المجتمع لا يعلم عن واحدة منها، وبتصفح جميع الصحف لا تجد إعلانا، وعند مرورك بالشوارع فإن الإعلان عنها ليس له وجود، وهنا نتساءل: هل بات القائمون على تلك الفعاليات غير مدركين لأهمية عنصر الإعلام والإعلان عن أي برنامج أو فعالية؟!
- في هذا العام ستمتد الإجازة الصيفية إلى الرابع والعشرين من شوال، والمفترض إقامة فعاليات تمتد لهذا التاريخ (حتى بعد انقضاء شهر رمضان المبارك) حيث الفترة الزمنية الطويلة والممتدة لثلاثة أسابيع، والشاب يجد متسعًا كبيرًا من الوقت وقضاء ذلك الوقت في النافع المفيد غاية الحكماء ومنتهى قصد النبلاء.
- لا زالت المسؤولية الاجتماعية غائبة لدى كثير من الشركات والمؤسسات الكبرى والبنوك؛ فهي لا تسهم في إقامة فعاليات وبرامج من تلقاء ذاتها، والواضح أن دعمها يكاد يكون محدودًا للغاية ان لم نقل بالعدم، وهذا يستوجب من الجهات المختصة توجيه المساءلة لتلك الجهات التي تأخذ ولا تعطي وتستفيد ولا تفيد!
- وفي ذات السياق فإن مثل هذه المناسبات تثبت الحاجة الملحّة لوجود مراكز حضارية وثقافية، تجمع الشباب والفتيات، ويفترض أن تكون مجهزة بأدوات وآليات حديثة، ويتم من خلالها تنفيذ برامج وفعاليات هادفة تعود عليهم بمزيد من الارتقاء الفكري والمعرفي.
وختاما.. فإن الصورة لا تُشجِّع على التفاؤل، حيث الفعاليات محدودة جدًا، في زمن حساس يتعلق بالجيل ونشأته، والإفادة من هواياته وإبداعاته، والوضع القائم يجعلنا للقلق أقرب؛ فالجيل أمانة في أعناق القائمين على الجهات ذات الصلة، وعليهم أن يتحملوا الأمانة الملقاة على عاتقهم، وإلا فإن المتربصين بالجيل سيستغلون الفرصة وينحون بالجيل إلى ما لا تحمد عقباه.. فهل من إفاقة عاجلة لنا جميعًا، واستدراك للوضع القائم بإقامة فعاليات وبرامج عديدة تعود بالنفع والفائدة على شبابنا وفتياتنا وعلى المجتمع بصفة عامة؟!

بقلم /
عبد الغني بن ناجي القش