قال له صاحبه وهو يحاوره: إذا دخلت حلقة الفواكه والخضار في أي مدينة أو محافظة يكون قادة البيع والشراء فيها وأصحاب المحلات من العمالة الوافدة، ولا سيما الذين تكون أصولهم من جنوب آسيا، فلا تتعب نفسك في إجراء مساومات وطلب تخفيضات تظن أنك ستجدها متاحة بين «بسطة» وأخرى، بل ركز فقط على اختيار النوع الجيد من الفاكهة أو الخضروات التي تريد شراءها، ثم «كاسر» على هون في سبيل الوصول إلى السعر الذي لا يسمح البائع بتجاوزه إلى ما هو أدنى منه، ثم اشتر دون إضاعة وقتك في البحث عن «بسطة» أخرى وبدء تفاوض جديد مع صاحبها؛ لأنك لو درت في الحلقة كلها من أقصاها إلى أدناها، فلن تسمع إلا «النغمة» نفسها، وعلى سبيل المثال: لو أنك سألت بائعا عن ثمن صندوق خربز فقال لك بخمسة وعشرين ريالا، فتشاطرت عليه وقلت له بل بعشرين، فإنه يجاريك بقوله رأس ماله اثنان وعشرين خذه بثلاثة وعشرين ريالا، فإن ركبت رأسك الصغير أو الكبير وظننت أنك قوي الشكيمة قادر على إحراز نتائج ملموسة عن طريق المفاوضات وقررت البحث عن بائع آخر، فلن تسمع من جميع من تقف أمامهم من الباعة إلا النغمة نفسها، ولا يمكن لأحدهم النزول عن الحد الأدنى الذي حدده أول بائع صافحته عيناك العسليتان، وقد تجد نفسك مضطرا إلى العودة إليه، وقد يغني لك بالبنغالي أغنية نزار قباني «الآن عاد كأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه»، وما ذكر ينطبق على كل فاكهة وخضرة موجودة في الحلقة من الكراث حتى المنغا، ولا تفسير لما يجري سوى أن أولئك الباعة يتعاونون علينا عن طريق التفاهم المشترك فيما بينهم على سعر أدنى لكل نوع من الفاكهة والخضروات لا يجوز تجاوزه إلى ما هو أدنى منه حتى لو كان البائع يعلم أن السعر المعروض عليه يوجد به نسبة ربح معقولة؛ لأنه لو فعل ذلك فقد يصبح منبوذا بين بقية الباعة الذين يتفادون نشوء حرب أسعار فيما بينهم، مستغلين عدم وجود نظام تسعير لهذه الأنواع من المواد الغذائية وسيادة الفوضى في السوق وتسلط العمالة الوافدة عليه وعدم نجاح سعودتها إلا بالاسم، فالمكان باسم متستر سعودي، والمكاسب لجماعة الوافدين، والباقي على الله.
محمد احمد الحساني
عكاظ