أخيرا، قامت «السعودية» بفك شيفرة هذا اللغز المحير، وهو ثبات أسعار التذاكر المحلية على مدى ثلاثة عقود، وهو ما هوى بصناعة الطيران من حيث السعة والجودة، وأدى إلى خروج ناقلتين من السوق المحلية.
العمل بنظام الشرائح هو سمة الطيران التجاري حول العالم، وقد لا يعلم الكثير من الناس بأن الناقلات تخسر في الشريحة الأولى، وقد تبيع بسعر الكلفة في الشريحة الثانية، لكن الربحية تأتي في التدرج بالشرائح، حيث تبلغ الشريحة الأخيرة الذروة في الأسعار والربحية.
تطبيق النموذج التجاري ينبغي أن يكون متكافئا بين الطرفين، الناقلة والراكب، وليس على طرف دون آخر، فـ«السعودية» تحصل على دعم من الدولة للوقود، وتقوم بخدمات حكومية غير مدفوعة الثمن، ولديها جيش عرمرم من الموظفين، وتعطي مزايا وظيفية من تذاكر وغيرها، اعتبرت حقا مكتسبا للوظيفة (الحكومية)، فأنت في هذه الحالة تطبق النموذج التجاري على الراكب.. لكنك لا تطبقه على الناقلة!!
العسكري والطالب يحظيان بخصم مقداره (50%)، وهذا الفرق يحمل إما على الراكب الذي يدفع من جيبه أو على الناقلة التي يفترض أن تخصصه لتطوير الخدمة، في الوقت الذي ينبغي أن يدفع الفرق من الجهة الحكومية التي وجهت بذلك.
على النقيض تماما، تحصل «السعودية» على دعم حكومي مقداره (40) مليون دولار شهريا، وبواقع (4.30) سنت لكل مقعد على اليكلومتر الواحد، فكيف يتم احتساب هذا البند في النموذج التجاري المطبق على المستهلك (الراكب) وما موقعه من الإعراب؟
طبقت الشق التجاري على طرف هو الراكب، لكنك لم تطبقه على الناقلة، وبالتالي سيبقى هذا النموذج يعاني من تشوهات اقتصادية عجيبة لن تنتهي إلا بتخصيص هذه الصناعة.
عيسى الحليان
عكاظ