الى المسؤولين

هناك جوانب كثيرة جديرة بالحديث في موضوع فيروس كورونا منذ بدايته حتى انتشاره في أكثر من منطقة، جوانب تتعلق بالأساليب والبروتوكولات والتطبيقات الصحية المعيارية في التعامل مع السيناريو الذي اتبعه الفيروس منذ اكتشاف الحالات الأولى حتى غارته على مدينة جدة، لكننا لسنا بصددها هنا، وإنما بصدد الحديث عن الخلل في إدارة الأزمة الأخيرة، أي بعد انتشاره في جدة، وهي الأزمة التي أجهزت على ما تبقى من الثقة بكفاءة إجراءات الوزارة.

كان الأفضل أن تنتقل اللجنة الوزارية لإدارة الأزمة إلى جدة عندما بدأ المرض ينتشر بشكل مقلق، وأن تعلن يوميا عن خطتها وإجراءاتها وما يستجد عليها مع شرح الأسباب والدواعي عبر كل الوسائل الإعلامية المتاحة، بشفافية كاملة ووضوح تام، مع الإحصائيات الدقيقة للحالات، وربما كان مفيدا عقد مؤتمر إعلامي موسع في نهاية كل يوم ليجيب على كل التساؤلات، لكن هذا لم يحدث واكتفت الوزارة بتصريحات مقتضبة متحفظة ومرتبكة لا تتسق مع أهمية المشكلة وقلق المجتمع، والأسوأ أنها أصيبت بحساسية بالغة من التساؤلات والاستفسارات والتعليقات والمعلومات التي يتداولها المجتمع مضطرا، وبدلا من التواصل معه ومكاشفته اتخذت أسلوبا يشبه المواجهة باتهامه بخلق الشائعات المغرضة، وتهديد موظفيها بعقوبات شديدة لمن يسرب أي معلومة. كان هذا خطأ استراتيجيا كبيرا عمق أزمة الثقة وأظهر الوزارة كأنها تحتفظ بأسرار لا يجب أن يعرفها أحد.

وهناك خطأ استراتيجي آخر، فقد كانت الوزارة تؤكد أنها تطبق أحدث الإجراءات وتستعين بكل المرجعيات العالمية والوطنية المتخصصة لمحاصرة الفيروس، وأنه لا يوجد جديد أكثر مما تقوم به، لكنها فاجأت المجتمع في وقت متأخر جدا بدعوتها لأصحاب الأفكار والمشاريع البحثية من الأطباء والمتخصصين لتقديم ما لديهم، وتواصلت مع شركات لبحث التوصل إلى لقاح، أي أنها اعترفت ضمنيا بأنها كانت تعمل بمعزل عن الآخرين ممن بإمكانهم دعمها بخبراتهم وأفكارهم، فكيف يمكن للمجتمع تصديق ما كانت تؤكده سابقا. كما أن تقارير متزامنة مع هذه الدعوة نشرت في بعض الصحف الغربية الشهيرة انتقدت تكتم الوزارة وعدم شفافيتها، وذلك ما ضاعف الهواجس والقلق.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد كان واضحا للجميع أن الإجراءات الوقائية الصارمة والعزل وتطبيق اشتراطات السلامة في المرافق الطبية، ومنها التي تستقبل الإصابات، لم تكن كافية لسلامة العاملين والمراجعين، كما أن التوعية الصحية الكثيفة كانت شبه غائبة، أفلا تكون هذه الأخطاء وغيرها مبررا كافيا لقلق المجتمع وخوفه، واستيائه من أداء الوزارة.

حمود ابو طالب
عكاظ