نشرت عكاظ تقريرا لمراسلها من عرعر الزميل ثامر قمقوم احتوى على شهادات لسعوديين عائدين من سجون العراق حول عمليات التعذيب وسوء المعاملة التي واجهوها هناك، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع أكثر من مرة وطالبنا وزارة الخارجية ببذل كل الجهود الممكنة لتخليص السجناء السعوديين من الأوضاع السيئة التي يواجهونها في سجون المالكي ولكن لنكن صادقين مع أنفسنا في الإجابة على هذا السؤال: هل ذهبت الغالبية العظمى من هؤلاء السعوديين إلى العراق بغرض السياحة أو طلب العلم أو زيارة الأقارب أم أنهم ذهبوا للمشاركة في عمليات تدمير مرفوضة ثم الارتداد علينا في ما بعد والقيام بنفس العمليات الإرهابية داخل الوطن متى ما وجدوا الفرصة سانحة لذلك؟.
لقد انتشرت مقاطع فيديو مؤخرا لشباب يقال إنهم سعوديون في العراق يتبعون لما يسمى بدولة العراق والشام الإسلامية (داعش) يمزحون ويتبادلون النكات الطريفة أثناء استيلائهم على مخازن طعام تابعة للجيش العراقي وآخرين يتجولون في قارب نهري وهم يحملون الأسلحة ويتبادلون النكات فيما بينهم وكأن هذا البلد العربي المنكوب أصبح مساحة مستباحة لمزاحهم الثقيل، وقد يكون الهدف من نشر هذه المقاطع أحد أمرين: إما تضخيم وجود السعوديين الذين يحاربون تحت لواء داعش وذلك لخدمة أهداف المالكي وإيران والادعاء بأن قوات المالكي تواجه إرهابيين قادمين من الخارج وليس عراقيين ثاروا من أجل حقوقهم، أو قد يكون الهدف من نشر تلك المقاطع أخطر من ذلك بكثير حيث يتم تزيين الأمر للشباب السعودي والإيحاء بأن الأوضاع هناك (سهود ومهود) حيث يمكن المزاح و(التنكيت) بكل أريحية وذلك في إطار توريط المزيد من الشباب في هذه الحروب العبثية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. وقد يكون الهدفان معا مقصودين على حد سواء..
وبغض النظر عن موقفنا من الأطراف المتصارعة في العراق، ضعوا أنفسكم مكان العراقيين الذين تحترق بلادهم أمام أعينهم اليوم واسألوا أنفسكم: ما هو موقفكم من مجموعة من الأجانب تأتي إلى بلادكم لتدمر وتخرب وتعبث بالأمن وفوق ذلك يتبادل أفرادها النكات ويمزحون ويمرحون غير عابئين بكل هذا الموت الذي صنعوه؟ كيف ستتعاملون معهم لو وقعوا في أيديكم؟ لاحظوا أننا هنا لا نتحدث عن بلد يقيم وزنا مهما لحقوق الإنسان بل هو بلد خرج من حكم ديكتاتوري دموي إلى حكم طائفي فوضوي أكثر دموية، أي نوع من المعاملة يمكن أن يلقاها مثل هؤلاء الإرهابيين الظرفاء حين يتم الزج بهم إلى السجون؟!.
هؤلاء الذين يمزحون ويستهترون بأحزان العراقيين اليوم هم من سوف تتعالى الصرخات غدا من أجل إنقاذهم حين يتم إلقاء القبض عليهم ومحاسبتهم، ونحن لا نختلف مع من يقول إن من واجب الدولة مساعدة أبنائها في الخارج تحت أي ظرف كان، ولكن علينا أن نكون منصفين وندرك آثار أفعالهم على الآخرين قبل أن تأخذنا الحماسة بعيدا فنركز على ما حدث لهم في السجون العراقية ونتجاهل ما فعلوه هم بحق العراق الشقيق وأهله!
قد يعجب البعض بمزاح هؤلاء الإرهابيين الظرفاء ولكن عليه أن يفكر ولو للحظات عابرة بالضحايا الأبرياء الذين سقطوا على أيديهم، وأن لا يسقط من حساباته أن ثمة ضحايا أبرياء آخرين يمكن أن يسقطوا بنفس الطريقة الدموية (الطريفة) بعد سنوات من عودة هؤلاء إلى أرض الوطن!.
خلف الحربي
نقلا عن عكاظ