صدمة هائلة تعرض لها مجتمعنا وهو يطالع هذه الأكوام من المخدرات التي قبضت وزارة الداخلية عليها وعلى مهربيها ومروجيها. أرقام مهولة: 1197 متورطا و8. 1 مليار ريال و456 سعوديا و741 متهما من 35 جنسية، إلى آخره من أرقام الكميات المهربة من كل نوع، أقراص امفيتامين وحشيش وهيروين خام وأشياء أول مرة نسمع بها.
وبقدر ما كان الناس ممتنين لهذا الجهد الأمني العظيم، الذي أسقط هذه العصابة وأجهز على مخططاتها في توزيع هذه المخدرات، إلا أن خوفهم زاد من (حالة الاستهداف) لأبنائهم بهذه القنابل التي تلقيهم في التهلكة الصحية والنفسية والحياتية بشكل عام. ولعل في الإعلان عن هذا السقوط الكبير لهذه الشبكة وأكوامها من المخدرات يشيع الطمأنينة بأن عيون الأجهزة الأمنية مفتوحة كما يجب وبأنها تقوم بأدوارها في الملاحقة والمكافحة على الوجه المطلوب.
لكن هذا هو دور الأجهزة الأمنية وهي لم تقصر فيها كما رأينا، فما دورنا نحن كأولياء أمور ومعلمين ومشايخ ووعاظ.؟ أعتقد أننا مقصرون أو على الأقل غافلون عن هذا (الوباء) الذي ينخر في أجساد أولادنا وحياتهم دون هوادة. مقصرون، كأولياء أمور، من ناحية أننا نسرف في الغفلة عن أولادنا وأين يذهبون ومن يصادقون، ونسرف في الإغداق عليهم من الأموال التي تسهل لهم طرق الانحراف إلى جادة المخدرات اللعينة والواسعة.
ومقصرون كمعلمين ومشايخ ووعاظ من جانب أن هذه المشكلة الاجتماعية الشبابية الخطرة لا تحظى بمساحة أو عناية كاملة في أدبيات إرشاداتنا وتوجيهاتنا للشباب، بينما تحتل مشكلات أقل منها بكثير مساحات شاسعة واهتماما بالغا ملحوظا. أي أننا نهتم ببعض صغائر الأمور على حساب كبائرها، ومن بين هذه الكبائر المخدرات التي رأيتم بأم أعينكم أنواعها وطرق تهريبها وجبالها التي كانت ستعبأ في بطون وعروق آلاف الأولاد والبنات.
ولعل هذه الصدمة الأخيرة الكبرى توقظنا اجتماعيا لنتحمل مسؤولياتنا ونتلافى أخطاءنا ونضع أيدينا في يد الدولة لمكافحة هذه الآفة التي لا تقل خطرا وتدميرا عن آفة الإرهاب. وأستطيع أن أؤكد لكم أن الجهد الأمني، وإن كان مهما ورائعا في نتائجه، إلا أنه لن يقطع دابر تهريب المخدرات وشهوات دراهمها. ما يقطع دابرها هو ألا يجد المروج من يشتري، وهذه حالة لن تتحقق إلا بتضامن وفعل مجتمعي شامل.
محمد العصيمي
عكاظ