نعم لك حقوق - و لكن لا تسيئ لوطنك

نعم لدينا قصور في الخدمات الطبية المقدمة للمواطن، وما زال لدينا مدارس مستأجرة، ومشاريع متعثرة وأخرى لن تنتهي باعتمادها مبدأ (احفر وادفن)، وأصبح أعداد الشباب الباحثين عن عمل في تزايد، وما زالت هناك أراضٍ بصكوك مزورة يتم استعادتها.. نعم كان هناك إخفاق في استشعار أهمية وجود النقل العام في المدن، خاصةً المدن الكبرى والرئيسة، نعم ما زال الناقل الجوي الوطني بحاجة إلى توفير مزيد من الرحلات وانضباط أكثر في المواعيد، نعم هناك فساد مالي وإداري لموظفين في بعض الأجهزة الحكومية، وهناك استغلال سيئ لموارد الدولة، نعم هناك اعتماد شبه كلي على النفط في الميزانية العامة، وأصبح هناك تساؤلات مشروعة عن مستقبلنا الاقتصادي في ظل التدني الحالي لأسعار البترول؟.



هذا بعض ما يتداوله أفراد المجتمع السعودي سواء في لقاءاتهم الخاصة (مبتدئين بعبارة بيني وبينك)، أو على وسائل التواصل الاجتماعي إما بأسماء مستعارة أو بأسماء حقيقية، وفي حقيقة الأمر فكل ما قيل سابقاً يعتبر أمراً مشروعاً، ويحق لكل مواطن محب لبلده أن يتساءل وأن يقلق وأن يكون غيوراً عليها، ويتمنى لها بأن تكون في طليعة الدول وفي جميع المجالات (الصحية، التعليمية، البنية التحتية،...الخ) وهنا نقول نعم ولكن؟، فلتأذن لي أخي القارئ الكريم، أختي القارئة الكريمة أن أتوقف لتناول هذا الموضوع من جانبين فقط.
(أولاً): إن ذلك لا يمثل إلاّ جزءاً من الحقيقة وليست الحقيقة الكاملة، (فاصل: استوقفتني كثيراً في المحاكم الأمريكية انه عندما يُراد استجواب الشهود، يدلون بقسمهم: "أقسم بأن أقول الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة")، ولذلك فإن من العدل والإنصاف النظر إلى الأمر بشمولية وأن نذكر كل الحقيقة، وأن نطرح في المقابل الأسئلة التالية، منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مقاليد الحكم، ألم يكن عهده وحتى هذه اللحظة التي لم تتجاوز عشر سنوات (وهي فترة زمنية لا تكاد تُذكر في عمر الدول)، عهد النقلة الحضارية في كافة المجالات، ألم يُحدث ثورة في مجال التعليم العالي، بزيادة عدد الجامعات من (8) جامعات إلى (32) جامعة بزيادة (24) جامعة في غضون عشر سنوات فقط، ألم يُرسل أكثر من (200) ألف طالب وطالبة في بعثات خارجية لدى الدول المتقدمة، ألم نلاحظ بأن المدارس المستأجرة أصبحت في تناقص، بل وان وزير التربية والتعليم وضع سقفاً زمنياً لا يتجاوز العامين لإقفال ملف المدارس المستأجرة، ألم نبدأ بتطوير النقل العام في المدن وما بينها، فها هي بداية مشروع قطار الرياض، وها هو قطار الحرمين يستعد للانطلاق في 2016م، نعم الملك عبدالله ورجاله المخلصون من حوله يحاولون جاهدين معالجة جوانب القصور والمضي قُدماً، وبطبيعة الحال فالإصلاحات السياسية ليست بمعزل عن هذا التوجه الكريم، فأمر بهيئة حقوق الإنسان، وأذن للمرأة بأن تكون عضواً في مجلس الشورى، ورفع سقف الحرية لوسائل الإعلام بطريقة لم تشهد المملكة العربية السعودية لها مثيلاً منذ توحيدها، وأمر بمحاربة الفساد، فشارك المواطن وأيده في رأيه بإنشاء هيئة مكافحة الفساد التي تجاهد لتحقيق تطلعات المواطن ورؤية القيادة، وهي ليست بالمهمة السهلة، واستشعر أهمية توفير السكن الملائم للمواطن فأسس له وزارة، ودعم صناديق التنمية، ورفع سقف القروض، ولم يتوانَ في المقابل في استعادة الأراضي المسروقة، فها هي الصكوك المزورة تتكشف بعد
(40) سنة، وملايين من الأمتار المربعة المسلوبة تُعاد إلى وزارة الإسكان كحق شرعي لابن هذا الوطن، وهذا غيض من فيض.
(ثانياً): المهم جداً أن لا يخفى على القارئ الفطن، أن هناك جهات سواء كانت دولاً، أو منظمات، تستخدم المنطق النقدي نفسه الذي يستخدمه المواطن الغيور والمخلص ولكن لأهداف مختلفة، فتبثه بين أبناء المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر الإعلام، علماً أنها لا تكترث لتحسين التعليم وإن نادت به، أو تطوير الخدمات الصحية وإن أظهرت اهتماماً بها.. غايتها زعزعة استقرار وأمن الدولة، بقطع حبل الثقة بين القيادة والمواطن.
نعم لكل مواطن ومواطنة الحق الكامل في الطموح إلى ما هو أفضل، والمطالبة به، بل والإصرار عليه بالطرق المشروعة، ولكن الحذر من أن نكون حطب فتنة، ومطية لدول ومنظمات لا تهدف إلى ما نهدف إليه.
المملكة العربية السعودية استطاعت بفضل الله، ثم بتوفيقه لخادم الحرمين تجاوز المرحلة الحرجة في الأزمة التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط، أعانه على ذلك وعي الشعب السعودي وإدراكه لما آلت إليه أوضاع الدول التي مرت بها العاصفة، فُعُطلت فيها الفرائض، وانتُهكت الأعراض، وُدمرت الأوطان، وفُقد الأمن، وهُجّر الكهل، وقُتل الطفل، وسُبيت المرأة، فأي حياة بعد ذلك؟! نعم لنا أن نطالب بحقوقنا، ولكن يجب أن لا نقسو على وطننا، ولا نسلم عقولنا.
إن الأمن الوطني يواجه تحديات خطيرة في ظل استمرار الحرب السورية، وعجز الحكومة العراقية عن بسط سيطرتها على أراضيها، وتداعي الوضع السياسي والأمني في اليمن، وتعدد التنظيمات الإرهابية وتهديدها لكافة دول المنطقة.. كل ذلك يستدعي تضافر الجهود بين القيادة والمواطن والتركيز على الغاية الكبرى (استقرار وأمن الدولة).

إبراهيم بن سعد آل مرعي
جريدة الرياض

اخوى الاتى الاخير
مواضيع هامه ومجهود مميز
يعطيك العااااااافيه

طرح موفق ورائع

بارك الله بك

الشهاب