[frame="11 98"]
أنا مَن رسم لكِ من الأبجديةِ لوحةً ً
و لَمَّ شمل القوافي بعد طول شتات
و انا من مهد الدرب الطويلَ
أمام خيلك ِو أزاح َكل العثرات
وانا من طوع اليراع و حبره
لينتشي طرباً فوق مآتم ِالصفحات
و انا من جعل زوارق العمق
ترسو بأمن ٍفي موانئ الكلمات
و أنا من عطّر الإحساس لكِ
لينتشر عبق النرجسِ في الجُنباتِ
بعد ان كاد وهن المعصم
يُودي بريشة الرسام و اللوحات
و انا من جعل نرجسية الحرف
تغزو المكان رغم بُعد المسافات
و انا منِ جعل محاجر الحرف
تنثر ياقوتها و ترصع تلك العباءات
و أنا من عسف لكِ الخيل
و أسلمك العَنانِ لتعبثي بأفرسي الجميلات
و لـ كم تمنيت ُان تستشعري
نشوة النصر المؤزر و مغانمَ الغزواتِ
و قد تناسيتِ اني رسمت على الثغر
لون الازاهير و ملامح الزمن الآت
يا حروفي لا تخافي .. فلستِ أنتِ
من يُدس له السم ُفي الكلمات ِ؟
و ثقي بأني عليكِ لست بعاتبٍ
فالصمت أبلغ عندي من سخف العتابات
تغص بريقها كل المفرداتِ
و تنتحر على إثر ذلك كل اللغاتِ
قبل ان يمُتهن نزف فكري
و يُزج بالحرفِ في حرب المترادفات
حينها تتجرد الكلمات من سياقها
و تتبرأ الخيل من صهيلها و تهيم في الطرقات
لاقذف بأعّنة الخيل دون اكتراثٍ
لعلها تتلاشى فوق رفوفي العتيقاتِ
أما علمتِ ان للقوافي نِقمة ً
تجعل الظل المُهين يستوطن الجُنباتِ
اما علمت ان للكلمة حدٌ مرهفٌ
فمن غيرك لا يبالي بحد المرهفات ِ ؟
أما عَلِمتِ ان الريشة قد تمردت
من تداخل الالوان و خطوطكِ المتلاشيات
و انها من بلاطك تاهت
فلول القصائدِ و سراياها المجحفلات
ألا ليت جفافَ الصحراء أدرك
ان الربيع لا يتأتى الا من نزف السحابات
أتبخلين بما خطت يداي
و تخشين ان استرد ما تبقى من كتابات
اطمئني فمغانم الفكر باتت بلا ثمنٍ
و ما اكثر ما انتهـبوا من أفرسي النادرات
فلا تعودي لها يا فتاتي
فنزف الفكر يتأتى في الليالي العاصفاتِ
و الإبحار فنٌ لا يتقنه كلُ بحارٍ
إلا من يستشعر إتجاه الريح و فلسفةُ الشراعاتِ
( الآتي الأخير )
[/frame]