كعادتها، كانت وزارة الداخلية سباقة في كشف تفاصيل العملية الإرهابية في القديح، لكن المعلومات التي تضمنها بيان الوزارة فيها الكثير من الألم والإحباط والخوف مما سيحدث ــ لا قدر الله ــ إذا استمر استقطاب الانتحاريين بعد حقن أدمغتهم بالسم الزعاف. فعندما يكون بعض أفراد الخلية الداعشية في سن المراهقة المبكرة، فإننا إزاء مأزق كارثي إذا لم نتمكن من القضاء على كل الأسباب والعوامل التي تجعل فتى في سن الخامسة عشرة يتحول إلى إرهابي تنفيذي لديه استعداد لتفجير نفسه كي يقتل أكبر عدد من البشر داخل وطنه.
كيف يتم تحويل صبي في المرحلة المتوسطة إلى كادر انتحاري؟. متى وأين بدأ يتشرب فكر التكفير لينتهي إلى قناعة بأن مجتمعه ودولته وأهله وأقاربه كلهم كفار وجهادهم واجب شرعي عليه. كيف يصبح مثل هذا الفتى تنظيميا رغم ما في عمل التنظيمات من تعقيد ومخاطر. إنها قضية في منتهى الخطورة؛ لأنها تشير إلى أننا لم نتعامل بحسم مع المنابع والبؤر التي تختطف عقول الشباب، ولم نفكك حلقات المنظومة التي تحول شابا في مقتبل العمر إلى تكفيري تفجيري داخل وطنه. وعندما يتكشف لنا في حوادث كثيرة بأن بعض الشباب الذين يفجرون أنفسهم أو يجهزون لأعمال تخريبية كان مقبوضا عليهم ثم أطلق سراحهم، فإننا أيضا أمام إشكالية لا بد من التعامل معها بحزم وحسم ووضوح.
لقد أعلن هؤلاء الحرب على الوطن والمجتمع بشكل واضح، إنهم ليسوا فئة ضالة ولا منحرفين عن جادة الصواب أو مخطئين يندمون ويتوبون، إنهم إرهابيون إرهابيون إرهابيون، ولا يوجد لهم تعريف أو مسمى غير ذلك، والذين ما زالوا يماحكون ويترددون في وصفهم بهذا الوصف هم جزء خطير من المشكلة. إنها حرب لن تنتصر فيها الأجهزة الأمنية بشكل حاسم رغم أدائها المتفوق إذا لم تتضامن معها جبهات كثيرة. المسار الذي يمر خلاله صبي من نقطة البراءة إلى نقطة التفجير لا بد من فحص الألغام المزروعة فيه ونزعها، وإلا فإننا كمن يداوي سرطانا خبيثا بالمسكنات.
نحن في مرحلة خطيرة لا بد أن تكون أساليب التعامل فيها مختلفة عن ذي قبل حتى نحقق الأمان والحماية لوطننا ومجتمعنا.
حمود ابو طالب
عكاظ
خلطة التكفير و التفجير !
العرض العادي
