اتخذت دولة الإمارات قرارين جريئين سيبدأ تطبيقهما هذا الشهر، الأول قانون ضد التحرش أتمنى أن يصدر مثيله لدينا ليضع أمر معاقبة المتجاوزين في يد الحكومة بدلا من تركه في أيدي قلة من المتاجرين بالقضايا الأخلاقية، والثاني كان قرارا برفع الدعم الحكومي كاملا عن الوقود بهدف تحرير أسعاره، أتمنى أن يتأخر صدوره لدينا حتى تزول ملابساته وآثاره السلبية الضارة حاليا.
تختلف الصورة والوضع الاقتصادي بين المملكة والإمارات كثيرا، إلا أن أهم الفروقات تكمن في أن المتأثرين بالقرار في دولة الإمارات هم جمهرة الأجانب الذين تتجاوز نسبتهم 90% من عدد السكان، وكذلك يتفاوت متوسط الدخل الفردي بين الدولتين حتى يكاد يصل للضعف (الإمارات حوالى 43 ألف دولار، السعودية نحو 24 ألف دولار)، إضافة لاتساع مساحة المملكة وعدم توفر وسائل مواصلات عامة، وأن نسبة كبيرة من السائقين الأجانب لدينا هم لأسر سعودية، أما ما يدعيه بعض اقتصاديينا من هدر للطاقة لتبرير رفع الدعم فيمكن علاجه بأكثر من وسيلة بعيدا عن التأثير على جيب المواطن المثقل بأعباء اضافية عدة ليس اقلها معاناته مع التضخم وارتفاع الأسعار الذي تقف أمامه عاجزة وزارة التجارة ووليدتها الخديج جمعية حماية المستهلك.
إن كنا جادين حقا في معالجة الهدر الحاصل في مجال الطاقة، علينا البدء فورا في خطة وطنية لتقليل الاعتماد على المصادر والوسائل التقليدية في استخدامات الطاقة، يمكننا التفكير باستخدام مصادر بديلة للطاقة، كالطاقة الشمسية مثلا والرياح والماء، وجميعها متوافر في السوق العالمي، علينا التخلص فورا من الطاقة الرخيصة، بل والمضرة لمحطات تحلية المياه التي أكل عليها الدهر وشرب، علينا منع استيراد السيارات والمركبات عالية الاستهلاك للوقود، كالسيارات الفارهة الكبيرة أو المتهالكة القديمة، علينا تخفيض نسب الإنارة في شوارعنا وطرقنا البرية السريعة وهي الأعلى عالميا، علينا فرض رخص البناء الحافظ للحرارة، علينا إحكام السيطرة على الوقود المسرب والمهرب، ثم في خطوات لاحقة نبدأ في توسيع وسائل النقل العام جوا وبرا وداخل المدن. فإذا تمكنا من هذا كله يمكننا التفكير في رفع الدعم أو حتى فرض رسوم على معدلات الاستهلاك العالية.
عب المحسن هلال
عكاظ