دعا الشيخ ابن منيع عضو هيئة كبار العلماء خطباء المساجد إلى تجنب الحديث عن السياسة في خطب الجمعة مؤكدا أن الحديث في السياسة يزرع الأضغان والأحقاد بين المسلمين، وأضاف فضيلته: إن محتوى خطبة الجمعة ينبغي أن يتعلق بالدين السمح والموعظة والعبرة والإيمان وتقوى الله، والحديث عن الأحكام الشرعية والموعظة، وحديث الأسبوع حسب المقتضيات الشرعية بما ينتفع بها للجميع.
ولا جدال في وجهة نظر الشيخ الجليل إذا ما نظرنا إلى أن ثقافة ووعي كثير من أئمة وخطاب المساجد لا تؤهلهم للخوض في الشأن السياسي مما قد يفضي إلى ما حذر منه الشيخ من زرع الأضغان والأحقاد خاصة في زمن أصبحت فيه قضايا السياسة شائكة وملتبسة ومتداخلة.
وإذا كان ذلك كذلك فإن المشكلة عندئذ لا تتعلق بالسياسة وإنما هي مشكلة الجهل بالسياسة واتجاهاتها والجهل كذلك بالمصالح العليا للوطن والمتعلقة بالسياسة كذلك، وهو الأمر الذي يقتضي العمل على رفع كفاءة أئمة المساجد كي يتمكنوا من خلال خطب الجمعة أن يشكلوا رأيا عاما يعزز الموقف الوطني المبني على رؤية سياسية واضحة وسليمة ويتفهموا موقف المملكة من كثير من القضايا السياسية.
ومعرفة السياسة لم تعد ترفا ولم يعد فهمها علما لا ينفع وقد ولى الزمن الذي كانت فيه السياسة حقلا من الألغام وكان الخوض في غمارها مجازفة يحذرها كثير من المثقفين ويتجنبها بقية الناس، السياسة لم تعد ترفا ما دامت علاقات المملكة قائمة على أسس سياسية واضحة من شأن معرفة المواطن بها أن يعزز ثقته بوطنه ويرسخ انتماءه له، حربنا في اليمن قرار سياسي يتمثل في وقوفنا إلى جانب الشرعية، وموقفنا من إيران موقف سياسي يتمثل في رفض تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتوتر علاقاتنا مع العراق موقف سياسي يرفض الممارسات الطائفية التي يمارسها النظام في العراق ضد السنة هناك، ورفضنا للعلاقات مع إسرائيل موقف سياسي لرفض إسرائيل لكافة الحلول التي يمكن أن تعيد للفلسطينيين حقهم المسلوب.
فإذا كانت هذه هي السياسة فما أجدر خطباء المنابر أن يوسعوا دائرة الوعي بها في زمن لا يمكن فيه للمرء أن يكون مواطنا إن لم يكن سياسيا.
بقلم / سعيد السريحي
عكاظ
السياسة وخطب الجمعة وفضيلة الشيخ
العرض العادي
