من الصعب تجاوز التخلف بدون خلق أسلحة المعرفة، والثقافة، وفتح المنافذ لتلتقي على تنمية الإنسان في كل المجالات، والملك عبدالله الذي جمع في شخصه الأب والمعلّم ورجل الصناعة، والاقتصاد، وباني هياكل العلوم الحديثة التي تريد أن تصل بالوطن إلى عضوية الأندية المتقدمة في العلوم، والتكنولوجيا، وقف بالأمس على إنشاء أهم جامعة في الوطن العربي، وربما العالم الإسلامي، وقد تصل إلى مستويات عالمية كبيرة..
المعنى بهذه الرعاية التي ظلت هاجس خادم الحرمين الشريفين، ليس خطوة عادية، بل هو قفزة نوعية وخاصة في اتجاه نموذج عال من التعليم، والذي يسعى إلى احتواء العقول، والمواهب ضمن استراتيجية طويلة، وأهداف عالية الغايات وفي إعداد الكوادر القادرة على البحث، والاكتشاف فيما يتعلق ببيئتنا أو العلوم الأخرى وتوفير الأدوات والوسائل التي تجعل من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية مركزاً يستقطب الطاقات العربية، والإسلامية والعالمية دون موانع جنسية أو إقليمية، لتكون فضاءً مفتوحاً للعقول الكبيرة، ومركزاً لتبادل البحوث والعلوم بهدف إثراء هذا الوطن وخدمة الإنسان أياً كان موقعه، لأنها جامعة تأسست على جعل العلم في خدمة السلام والإنسان..
القصور العام في الوطن العربي والعالم الإسلامي في تبني سياسات عليا في التعليم التقني، تسببت فيه تعقيدات السياسة، لا ندرة العقول، والدليل أن الفاقد العام في هجرة العقول للعالم الخارجي، يفوق التصور، وإذا ما راجعنا كشف الخسائر الهائلة، فإن توطين التقنية يبقى أمراً صعباً في حرب استقطاب المبرزين والعلماء في مختلف الاختصاصات، ولعل قتل العقل وعدم استثماره في علوم اقتصاد المعرفة، جعل الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة كبيرة وخطيرة، وهذا المشروع الذي يعتبر المقدمة في جعل المملكة مركز استقطاب وترسيخ لجانب مهم جداً في عصر المعلومات وصناعتها، يعد حالة تتجاوز التعليم التقليدي، والقائم على نظم لا تساعد على الابتكار والتحصيل، إلى المرونة التي تعطي للباحث أو العالم كل التسهيلات، ويتبع ذلك استثمار أي ابتكار واختراع شأن الدول المتقدمة التي جعلت من ميزة العلم أحد أهم ميادينها الاقتصادية والعلمية..
ومثلما نرى الآن في دول ليست لديها موارد أساسية مثل اليابان وكوريا وسنغافورة وغيرها، أن حولت هذا العجز إلى استثمار أهم لطاقة جاذبة ومحرّكة للصناعة والإدارة للأموال، عندما شرعت في خططها الطويلة لتحويل مواردها إلى ميادين التعليم، ومراكز البحوث، واعتبار الإنسان القيمة الأساسية والمحرّكة لأي نشاط وطني، ونحن هنا لدينا الإمكانات والاستعدادات وعندما تأتي هذه الجامعة كبداية لخطة طويلة، فإن الاتجاه إلى تنمية العقول واستثمارها يجعلنا نتجه إلى الاحتياجات الأساسية في رفع الكفاءات وتحقيق النتائج الأهم في استراتيجيتنا الطويلة..
الملك عبدالله، من خلال مسيرته أراد إدخالنا في سباق جديد في التعليم العالي والمتخصص، لأنه أحد مصادر العلم وأخطرها، لأن من يملك العنصر البشري المتطور يقفز أكثر من خطوة، وزمننا الراهن يوزع مراكز القوة على عدد العلماء والمهندسين لأنها الأسلحة التي لا تهزم ولا تقهر
بقلم يوسف الكويليت
شكراً ملك العلم و المعرفة
العرض العادي
