لكل أمة هوية معمارية تميزها عن غيرها من شعوب العالم.
ويقل اهتمامها ويزداد بمستوى قوتها وضعفها بين الحضارات الأخرى.
حتى وإن أخذ ميزان فنهم يهوي أو يتداخل مع غيرهم بسبب طفرة الاتصالات، وما احدثته على الاعلام، إلا أن مكان عبادة كل أمة يزداد ثقلاً ووزناً ليبقي لهم شيئًا من هويتهم.
ونحن نملك حضارة معمارية مميزة في هذا الكون، وإن لم تكن من بين الحضارات المعمارية الأرقى، فيكفي أنها آخرها حيث اشتملت هذه الحضارة على كل جميل ومميز من حضارات ما سبقوها، حيث أعادت صياغتها بتداخل كل الفنون لتكون (العمارة الإسلامية).
ومما سبق يظهر او يتأكد لنا عنصران، هما:
أولاً: أننا نملك حضارة من أرقى الحضارات معماريًا.
ثانيًا: حضارتنا منذ بدأت لم تنقطع بجمالها يوماً عن الأعين والأبصار، كما كان في حضارة غيرنا كالبابليين مثلا، وغيرها من الأمم المندثرة.
فحضارتنا ما زالت تعيش بكامل زينتها - وان كانت بمشاريع نفذت في قرون سابقة - ولكنها ما زالت تحظى بحياة خطوطها وجمالها - ولله الحمد -.
لن أقيد الأذواق فكل منا له خصوصيته الجمالية التي ينشدها في مسكنه ومشروعه الخاص، ولكن هناك مكان واحد نتفق جميعًا بمدى حاجتنا أن يبقى لنا شيء من حضارة نعتز بها.
ونحلم أن تعيدها لنا الأيام، مكان واحد هو (المسجد) بيت الله ومكان العبادة، وشعارنا الذي نعتز به عندما نراه في كل مدينة على أرض البسيطة.
إحساسنا أن المساجد حرمت من إرثها الحضاري المعماري.
وهنا أنا لست داعيا إلى زخرفة يستنزف من خلالها المال ولاسيما على من يبني تبرعا أو مضيعا لحق المصلي في خشوعه وعبادته.
ولكن هناك أبجديات وخطوط تمتاز بها حضارتنا، تظهر في جدران المسجد من الخارج بكمال عناصرها وجمالها، وتهمس بنعومة خطوطها والوانها من الداخل.
ولعلنا في هذا الوقت نحن بحاجة للرجوع لحضارة كانت أحد دعائم ثقة المسلمين بأنفسهم وقدرتهم على الإبداع والعطاء.
بحق نحن بحاجة لنتذكر ماضينا، عندما كنا أرقى الأمم على وجه البسيطة من خلال مفاخر وعناوين كثيرة، منها الطراز المعماري.
وهنا إلى من نلقي باللائمة في سلب بيوت الله جمالها الظاهري؟
أولا: غفلة الأمة خلال العقود الماضية عن هدية الأجداد.
ثانيا: دور وزارة الشؤون الإسلامية الغائب! بوضع معايير أو على الأقل حدود دنيا في تصاميم المساجد، ولاسيما أنها الجهة الحكومية المشرفة على هذه البيوت.
ثالثا: المنهج التعليمي الذي غفل كل الغفلة عن تاريخ الأمة المعماري، وخصوصا الجهات ذات العلاقة ككليات العمارة التي حولت فنوننا الى تاريخ (يحكى ان)!.
رابعا: المكاتب الهندسية، وبالخصوص التي تقوم بأعمال التصاميم المعمارية لمساجدنا، حين تخلت بافكارها تأكيد طرازات وخطوط حضارتنا!.
ولو تسألنا، كيف نعيد للمسجد مظهره الإسلامي، لتزداد ادواره قيمة لما يقدمه المسجد من أدوار دينية وتربوية؟
فقط هم الأربعة السابقون، الذين جنوا وتجنوا على إرثنا وثقافتنا، وبيدهم ستكوون العودة، ولكن متى ما أحسوا بخطيئتهم!.