د. عمر بايونس
في رحلة عودتي من مكة المكرمة إلى الرياض بعد إجازة نهاية الفصل الدراسي الأول قرأت عبارة "الطريق مراقب بالرادار" في عدد من اللوحات على جنبات الطريق وهذه ليست المرة الأولى التي أقرؤها كما يقرؤها الكثير على الطرقات السريعة والتي تعني الحرص والحذر بعدم تجاوز السرعة القانونية المحددة للطريق.
ومثلي ومثل بقية الناس هناك من يأخذها بجدية واهتمام ويلتزم بالسرعة النظامية، إما خوفاً من العقاب أو طلباً في السلامة ومنهم من يتجاهلها ويصبح عرضة للعقاب أو الحوادث والتعثر في الطريق فلا يصل للهدف الذي سلك الطريق من أجله.
ولكن هذه المرة سرح بي التفكير والبحث في هذه العبارة كثيراً وتبادر لذهني أكثر من عبارة مثل "المكتب مراقب بالرادار، رادار في كل مكان على مدى الأربع والعشرين ساعة الرادار الإلهي الرباني أعظم وأقوى وأدق رادار على وجه الكون المنبه والمحذر من عدم تجاوز حدود الله واتباع أوامره. فلو كانت هذه العبارة أمامنا في مكاتبنا ومنازلنا ومدارسنا وفي كل أعمالنا وتعاملاتنا اليومية وفي كل طريق نسير فيه لبلوغ أهدافنا في هذه الدنيا لأمنا العقاب وسلمت أنفسنا وتباركت أموالنا وكثرت حسناتنا وبلغنا الهدف الأسمى والأعلى في الآخرة "الجنة" في أمن وأمان ومغفرة من الرحمن.
قال تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).، وقال تعالى (إن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون)، وقال تعالى (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء).
والسؤال هنا هل نحن منتبهون لهذا الرادار الإلهي أم اننا غافلون عنه في أمور الدنيا ومطامعها ومغرياتها غارقون في الخطأ والمعاصي ننتظر العقاب في الدنيا والحساب في الآخرة أم من الأفضل والأجدر بنا لخير الدنيا والآخرة أن نراقب الله في كل أقوالنا وأعمالنا وأن نفعل وننشط راداراتنا الذاتية "قلوبنا وضمائرنا" قبل أن يرصد الرادار الإلهي مفكرين محتسبين في كل قول وعمل قبل فعله وبعد فعله محاسبين أنفسنا قبل أن نحاسب فإن أحسنا شكرنا الله على توفيقه بأن هدانا للقول والعمل الصالح وإن اخطأنا استغفرنا الله على ما فعلنا فكفرنا عن أخطائنا ولم نعد إليها لنكون كما قال الله عنا أننا خير أمة أخرجت للناس.
@ جامعة نايف العربية