خبر صحفي نشر مؤخراً تضمن أن ديوان المظالم قد أصدر حكماً بالسجن لمدة عام على اثنين من المسؤولين في أحد قطاعات الدولة وتغريمهما مبلغ عشرين ألف ريال مع إلزامهما بدفع أكثر من مليون وستمائة ألف ريال.هذا الحكم جاء إثر إدانة هذين الموظفين المسؤولين بارتكاب "جريمة" تبديد المال العام.
كما تضمن الخبر ان ( السرقات) وقعت خلال شهري يناير وفبراير عام 2006م وأن الرئيس الأعلى "الحالي" للجهة التي حدثت فيها هذه القضية رفض التعليق على هذا الحكم مبرراً أن القضية قد حدثت قبل توليه المهام والمسؤوليات العليا في هذه الجهة.. كما تضمن الخبر ان الحكم قد يستأنف من قبل الموظفين وان احدهما مؤقوف عن العمل والآخر لازال يمارس عمله!!
مثل هذا الحكم وهذه القضية جديران بالمزيد من الاهتمام والطرح والبحث من كافة الجوانب لأنهما قضية تطرح أمام المجتمع تساؤلات كبيرة ومهمة جداً تنتظر إجابات شافية وحاسمة.. ولا يجب أن يتوقف اهتمام ومتابعة المجتمع لهذه القضية عند هذا الحد فهي قضية مهمة نحن في حاجة ماسة لابرازها على العلن بكل صراحة وشفافية لكشف أمثالها في كل المواقع وفي كل المجالات بدون أي استثناءات في سبيل القضاء على كل صور وأمثال هذه "الجريمة" التي ترتكب بحق المصلحة العامة وبحق مكتسبات الوطن دون أن نجد إلى الآن الحلول الصارمة المهيبة التي تكفل لها الحماية من العبث والاستغلال.
هذه القضية وهذا الحكم يجب أن يفتحا المجال بأوسع ما يمكن أمام الرأي العام والجهات المختصة لإبراز مثل هذه "الجرائم" على العلن لكي يقف الجميع على هويات هؤلاء "المجرمين" - حسب وصف ذلك الحكم - ويجب أن تحظى هيئة الرقابة والتحقيق بالمزيد من الشكر والدعم على اكتشاف هذه الجريمة لكي تقدم لنا المزيد من الكشف عن أمثالها.
وجريمة أو جرائم إهدار أو تبديد المال العام - حسب وصف ديوان المظالم - جريمة أو جرائم لا أحد ينكر وجودها في قطاعات الدولة فهي ترتكب بصور عدة ومختلفة وبأساليب كثيرة.هذه الجريمة أو هذا النوع من الجرائم يمكن القول أن بعضها قد يحدث أو يرتكب بصور غير متعمدة أو عن طريق الخطأ.. ولكن وهذا هو الأهم - أن النوع الآخر من هذا النوع جرائم تبديد المال العام هي الجرائم المتعمدة أو التي ترتكب لأهداف معينة!! وحتى وإن ألبس بعضها صورياً - غطاء الأنظمة والتعليمات!! وهذا النوع من جرائم تبديد المال هو ما يجب أن يواجه بصورة مختلفة وصارمة من العقوبات والأحكام
كما يجب إعادة النظر في إجازة التشهير بحق كل المجرمين الذين تصدر بحقهم مثل هذه الأحكام أسوة بالأحكام الشرعية التي تصدر في القضايا الأخرى وان يكون التشهير بالاسم والمرتبة والصورة جزءاً من نصوص الأحكام التي تصدر بحق هؤلاء "المجرمين" وبحق هؤلاء المخالفين وبحق من يسرق أو يخالف أو يخطئ أو يرتكب جريمة في حق المصلحة العامة!!
المهم أن مرحلة البناء والتنمية المعاصرة يجب أن تسايرها فورا "قوة" وهيبة إدارية تحقق احترام المال العام وتضمن أعلى قدر من الأمانة في ممارسة المسؤولية ومهام السلطة في أي موقع وفي أي مجال.. وهذا يتطلب تغيير الأحكام والقرارات والعقوبات بما يتلاءم مع متطلبات العصر الحاضر.
بهذه المناسبة يأتي ذكر القصيدة الرائعة للشاعر الأمير عبدالرحمن بن مساعد والتي حملت عنوان ((احترامي.. للحرامي!!)) ومنها قوله:-
احترامي.. للحرامي!!
ابتدا بسرقة بسيطه.
وبعدها تَعدى محيطه..!
جاب هالثروة المخيفه..
من معاشه في الوظيفه..
ما يقرّب للحرام..
إلا في جنح الظلام..
احترامي للفساد..
وأكل أموال العباد..
والجشع والازدياد..
والتحول في البلاد..
من عمومي للخصوص..
احترامي للصوص..!!
السؤال هل وصلنا إلى زمن يحظي فيه الحرامي بالاحترام؟
بقلم عبد الرحمن بن عبد العزيز ال الشيخ