نتنياهو تقيّأ في طبق السلم
لا أدري كيف كان العرب ينتظرون خيرا من خطابة نتنياهو. كانوا طوال الأيام الأخيرة يهلّلون ويطبّلون ويجندون الرأي العام العربي عبر وسائل تلفزيونية ثقيلة، لما سيتفوّه به رئيس حكومة إسرائيل. فتمخّض الجمل... ويا ليته لم يتحدث. لكن الذنب ليس فيه؛ لأنه لا يمكن أن ننتظر خيرا من أناس فعلوا ما فعلوه بأبرياء غزة.. بل عيبنا فينا.. العيب في العرب لأنهم لم يستيقظوا بعد من سباتهم العميق. ومازالوا ينتظرون السلم من دولة شيدت حائط برلين جديد، في محاولة طائشة لتوقيف مسيرة التاريخ في المحطة التي آلمت البشرية بأسرها. فدعهم يحلمون...
وماذا قال لهم نتنياهو؟ قال: الاعتراف أولا وأخيرا بيهودية إسرائيل، أي أن النقاء العرقي لإسرائيل يجب أن يكون مدوّنا في السجل قبل الشروع في الحديث عن وجودكم ككائنات فوق الأرض. ثانيا: نعم لدولة مجردة من السلاح. بمعنى أن الغنم يحرسها الذئب الذي يعدكم بوضع القطيع في منأى عن الوحوش المفترسة. ثالثا وأخيرا: نعترف بكيان هذه الحمامة الفلسطينية إذا ساعدنا الأقوياء على تجريد الوحش الإيراني من قنبلته الذرية.
موافقون؟ نعم، موافقون... وكيف لا نوافق وأمريكا تقول لنا إن الفرصة لن تتكرر ثانية، والوفود تتوافد على المنطقة من كل فج عميق لإقناع العرب بنوايا الذئبة الحسنة. وكانت ردود الذئاب الآخرين مرحّبة؛ إذ وجدوا في الخطاب عناصر مشجعة جدا لدفع عجلة الحوار الذي دعا إليه أوباما .
أعتقد أن إشكال العرب في اللغة. هم على دراية، أكثر من غيرهم، بسحر الكلمات، لأن لغة الشعر علّمتهم كيف يختلقون اللطف في الكلمات الفتاكة، فلهم قدرة فائقة في تفسير المعاني. ولسوف يقولون لنا إن ما قاله نتنياهو يدعو إلى السلم والسلام، فبادلوه التحية ولا تغضوا الطرف. انظروا إلى المالكي وهو يحدق بعينين حادتين في الزيدي عندما كان يرمي حذاءه في وجه بوش. يقولون استحوا... ما لكم تزرعون الشؤم في كل مكان وعدوّكم يمد يدا نظيفة لم يغرزها أبدا في الدم النقي الطاهر للأطفال الفلسطينيين... ما لكم يا عرب لا تفهموا المعاني؟
نتنياهو تقيّأ في طبق الس
العرض المتطور
