دراسات الضياع ...

[align=right]يعالج هذا العمل إحدى أكبر سلبيات التعليم الجامعي بالمملكة والمتمثلة في افتتاح أقسام في الكليات ليست لها حاجة في سوق العمل فتتكدس على مر السنوات دفعات من خريجي هذه الأقسام بدون عمل ومع ذلك تستمر هذه الأقسام في العمل واستقبال الطلبة بحجة صعوبة إقفالها حتى لا يفقد أعضاء هيئة التدريس من السعوديين وظائفهم ودورهم في الجامعة فيتحول هؤلاء العاطلون تحت ضغط الحاجة والسخط إلى عالم الإجرام ويكونوا بذلك ضحية لهذه الأقسام ودكاترتها . ويعرض هذا العمل بشكل درامي لا يخلو من الفكاهة كيف تتحول الشهادة الجامعية لتلك الأقسام إلى عائق أمام حاملها وتهمة يتهرب منها

القصة :-
( سالم ) شاب طموح في السنة الأولى من الجامعة , مجتهد ومواظب على دراسته على عكس ( سميحان ) ولد جارهم البليد الذي رسب في الثانوية واكتفى بشهادة الكفاءة والتحق بالعسكرية وينتظر موعد الدورة وهو يحقد على سالم لأنه كما يقول ( شايف نفسه ) و ( مسوي فيها عشانه جامعي ) .
سميحان كثيرا ما يضايق سالما فيوقف سيارته بحيث يغلق المخرج على سيارة سالم مقابل بيتيهما المتلاصقين .
الساعة 9.45 صباحا وسالم لديه محاضرة الساعة العاشرة , يخرج من بيته فيجد سيارة سميحان مقفلة عليه فيطرق باب بيت سميحان فيفتح والده الباب وبمجرد أن يرى سالما يسترجع ويعتذر فهي ليست أول مرة يفعلها سميحان , يدخل أبو سميحان ويوقظه بالقوة فيتثاءب ويتلوى ويحاول التملص فيضربه بالعقال قائلا هذا أحسن منك يا فاشل كمل تعليمه ودخل الجامعة أما أنت نايم عندي هنا هيا قم لا بارك الله فيك , فيقوم متثاقلا ويخرج إلى سالم الذي مع طول الانتظار وقرب وقت المحاضرة أخذ يضرب الزامور ( البوري ) ...
سميحان صائحا : خلاص خلاص ياخي أوذيتنا على هالصبح , ماتعرف تطلع السيارة؟ الله من الغشمان.
سالم منفعلا:- ياخي عجل وراي محاضرة تبي تبدأ وانتم فقل علينا..عجل الله يرحم والديك.
سميحان :- تكفي يالقوي... يعني ما في غيرك جامعي في هالبلد... مقطع حاله علشان هالجامعة.
سالم:- ماعليك زود ياسميحان بس خلصنا ياخي ترى ماهي بأول مرة.
سميحان:- والله عشان خاطر الشايب بس ماهو بعشان وجهك. ثم يركب سيارته ويحركها عن درب سالم.
في الجامعة ..... الدكتور عمر هو دكتور نشط يحاول تطوير الكلية ويقترح برنامجا لذلك على عميد الكلية ( كلية التربية ) الدكتور حسان ..
يدخل الدكتور عمر على د حسان ويسلم ....
د.عمر :- هاه يادكتور حسان هل قرأت البرنامج الذي أعطيته لك أمس ؟
د.حسان :- نعم لكن للأسف لا نستطيع تطبيق هذا البرنامج , لا نستطيع إقفال قسم التربية الخاصة .
د.عمر :- لماذا وهذا القسم منذ خمس سنين وهو يخرج عاطلين وليس له حاجة في سوق العمل.
د.حسان :- يا دكتور عمر ليس سهلا إقفال القسم حيث يوجد به ثمان محاضرين سعوديين ثم ابتعاث بعضهم للخارج لدراسة هذا التخصص فأين نذهب بهم إذا أقفلنا القسم كما أن القسم مازال يجد إقبالا من الطلبة .
د. عمر :- أولا بالنسبة للدكاترة يمكن إعطائهم دورات وتأهليهم للعمل في الأقسام الأخرى أما بالنسبة للإقبال الذي ذكرته من الطلبة فأنت تعلم أن هناك بعض الضغوط عليهم ترغيبا وترهيبا لدخول هذا القسم حتى لا يظل خاليا وفي النهاية يدفع الطلبة وحدهم الثمن .
د. حسان :- دكتور عمر .... أقدر لك اهتمامك ولكن لا أستطيع إقفال القسم.
الدكتور عمر يخرج مغضبا فيواجهه على الباب الدكتور ( حامد المرتاح ) رئيس قسم التربية الخاصة وهو إنسان متزمت لا يرى الدنيا إلا من خلال مصالحه وهو يكره الدكتور عمر لأنه يعرف موقفه من قسمه فينظر له بدون أن يسلم عليه ويدخل على العميد ويسلم ..
د. حامد المرتاح متقعرا كعادته في الكلام :- أيش يبغي هذا المتفلسف يا دكتور .
د. حسان :- كان يعرض برنامجا لتطوير الكلية .
د. المرتاح :- إلى الآن يحاول أن يقفل القسم! يا أخي هذا كأن له عندنا ثأر ... عالعموم يا دكتور لا تهتم إذا كان يقول إن القسم ما عليه إقبال أنا اليوم أبدى لي عشرين طالب من سنة التمهيدي رغبتهم في الالتحاق بالقسم .
د. حسان :- هكذا أبدوا رغبتهم بدون ما تشرح لهم أي شيء عنه!
د المرتاح :- لا طبعا شرحت لهم أهميته ومجالاته المتعددة ودوره في المجتمع .
د. حسان في نفسه :- شرحت لهم أم ضللتهم ثم يتنهد ويقول الله يكون بالعون.
في الفناء الجامعي يجلس سالم مع رفاقه ...
يقول أحدهم :- إيش رأيكم يا شباب بالتخصص السنة القادمة أي قسم أفضل ؟
سالم :- الصراحة أنا خش مزاجي قسم التربية الخاصة بعد شرح الدكتور حامد المرتاح عنه .
يرد زميله عليه :- يا ولد إنحش يقولون ما فيه وظائف لخريجينه انا قابلت واحد له سنتين متخرج ما حصل وظيفة.
سعد زميلهم :- يا حبيبي الوظيفة تعتمد على المجموع وعلى الواسطة وبصراحة حتى أنا إقتنعت بكلام الدكتور حامد المرتاح .
في الحارة ....
( مشاعل ) بنت جيران سالم وسميحان التي تربت معهما في الحارة والإثنين يخطبان ودها وقد خطبها سميحان بالفعل لكنها رفضته فهي تفضل سالم الطالب الجامعي على سميحان راع الكفاءة ( السمين ) .
ومشاعل تمثل سببا آخر لحقد سميحان على سالم .
هاهو سميحان ( يترّزز ) أمام شباك بيت مشاعل ولكنها تسدل الستائر ولا ( تعطيه وجه ) وبعد أن يُسمع صوت سيارة سالم تدخل الشارع إذا بالستائر ترتفع فيزداد غيظ سميحان , ويتوقف سالم بسيارته وينزل منها وهو يترنم بأغنية فيهاجمه سميحان بلهجة قاسية :- ليش توقف هنا هه ؟
سالم :- يعني وين تبيني أوقف ثم ينظر إلى الشباك ليقهره زيادة ويثني غترته للخلف ويكمل الأغنية ويسير في طريقه فهو يعلم أن مشاعل تحبه هو وليس هذا المتخلف .
ينتظم سالم في قسم التربية الخاصة هو وزميله سعد وبعض رفاقهم , ويكملون الدراسة ليحصلوا على الشهادة وتبدأ البحث عن وظيفة
وهنا تبدأ المعاناة فكلما ذهبوا إلى ديوان الخدمة المدنية يقولون لهم أن تخصصكم غير مطلوب الآن وعليكم الانتظار. وتمر الأيام ثم الشهور ثم السنوات لم يتركوا بابا للوظيفة إلا طرقوه بدون أي فائدة والحجة داثما عدم وجود التخصص .
وفي إحدى الاستراحات يصادف سالم صديقه سعدا ويجلسان معا.
سالم :- والله مدري إيش نهاية هالمعاناة بصراحة انا صرت متفشل من أبوي وأهلي لما آخذ منهم المصروف كأني بزر.
سعد :- هين, ياخوي أنا أبوي طردني من البيت وعايش مع بعض أصحابي في شقة.
سال مندهشا :- ومن وين تصرف على حالك !
سعد بابتسامة حزينة :- من وين يعني ... كلما احتجنا ندور لنا سيارة ولا بيت ولا محل ننشله.
سالم في قمة الذهول :- أعوذ بالله معقولة يا سعد أنت !!!
سعد :- أيه معقول ونص كيف تبيني أشحد وإلا أموت جوع!
سالم :- والله عندي أشحد وأموت جوع ولا أعمل هالعمايل .
سعد :- عالعموم هذا عنوان الشقة إذا طردك أبوك أو قفلت في وجهك تجينا ... ثم ينصرف .
في منزلة ... يقلب سالم الجريدة في غم وكمد بحثا عن إعلان وظيفة ولا يجد شيئا فيتنهد ويرتكي برأسه على مسند الكرسي وتسقط عينه على إعلان لوظائف عسكرية بشهادات الثانوية على رتبة جندي أول وعريف فتأتيه فكرة أملتها عليه ظروفه القاهرة ... لماذا لا أتقدم عليها بشهادة الثانوية ... فأنا كلما تقدمت على العسكرية بشهادة الجامعة يقولون إذهب للكليات العسكرية وفي تلك الكليات تقف الواسطة والأعداد الهائلة دون القبول, إذن لا مناص من التقدم بشهادة الثانوية حتى لو كانت الرتبة جندي فقد مللت من الجلوس في البيت وأشعر أني أصبحت عبئا كبيرا على أهلي ثم أني لن أخبر أهلي وجماعتي برتبتي وسأطلب النقل لمكان بعيد والقبول إن شاء الله مضمون لأن مجموعي بالثانوية عالي .
تم في الإعلان تحديد عدة مراكز للتقدم على هذه الوظائف في جميع مدن المملكة الرئيسية وذهب سالم ليتقدم إلى المركز المحدد لمدينة الرياض .
على باب المركز عسكري يصيح بالجموع :- يا أخوان رجاءا لانقبل إلا حملة الثانوية فيقول سالم في نفسه : الحمد لله أنى لم أجلب شهادة الجامعة ويدخل في الطابور , فيعاين الموظف المختص أوراقه ويدون بياناته داخل نموذج وأثناء ذلك يلمحه من خلف الموظف عسكري من جماعته فيقول له مندهشا : سالم!! إيش اللي جابك هنا؟! جامعي وتقدم على جندي؟؟ فيوقف الموظف كتابته ويطرده مع ملفه وهو يتوسل إليهم ( صدقوني ماني جامعي )...
يعود سالم محبطا:- من وين طلع لي هالآدمي... ثم يفكر في حل آخر , لماذا لا أتقدم من مركز آخر في مدينة أخرى.
ويذهب سالم ويتقدم من مدينة أخرى ويتم قبوله ليطير من الفرحة أخيرا أصبح إنسان مستقل ليس عالة على أحد وأخيرا سيتزوج ويفتح بيت مثله مثل بقية البشر ... وقال لأهله أنه قبل في وظيفة في تلك المدينة وسوف يذهب للعمل فيها بدون أن يخبرهم عن حقيقة العمل .
كان مقر الدورة التمهيدية للالتحاق بالعمل هو الرياض وقبل انعقاد الدورة بيوم قال لأهله إنه مسافر للعمل وذهب إلى مركز التجنيد بالرياض وفي أول يوم بالدورة استلمهم ضابط صارم بمحاضرة شديدة عن العسكرية والانضباط وضرورة الالتزام بالقوانين والأنظمة وكان سالم يقف في الصف الأول وإذا بالعسكري الذي يقف خلف الضابط ذلك السمين الأحمق ( سميحان ) فيقول بحماقته المعهودة بصوت عال : سااالم ... جامعي ومقدم على جندي !!؟ فينظر الضابط إلى سميحان بحنق فهو للتو يتحدث عن عدم مخالفة الأنظمة, ويتم طرد سالم مع ملفه وهو يتوسل ( صدقوني ماني جامعي ) .
يهيم سالم على وجهه, لا يستطيع أن يعود إلى أهله... باحثا عن أي عمل يسد رمقه... أي شغل المهم أن يجد قوته إلى أن يفرجها الله .
وأثناء سيره بالرياض يجد محطة بنزين خارج الرياض حديثة الإنشاء فيذهب إلى غرفة المدير وهو من جنسية عربية ويقف على الباب فيجد عنده شاب سعودي وهو يسأل الشاب : ما هي شهادتك فيرد : جامعي فيقول آسف يا ابني لا نستطيع توظيفك, فيقول سالم في نفسه الحمد لله أني ( ماخذ احتياطي ) ويدخل على المدير طالبا التوظيف فيسأله المدير : ما هي شهادتك؟ فيقول : الإبتدائية, فيقول المدير : لعلمك الدوام اثني عشر ساعة والراتب ألف ريال والسكن مع العمال وأهم شيء إنك ما أنت جامعي ( يا أخي هؤلاء الجامعيين يعملون أسبوع ثم يرحلون وصاحب المحطة مأكد علينا مانوظف جامعيين, هاه موافق ؟ فيرد سالم : أنا موافق.
يبدأ سالم بالعمل بالمحطة ويسكن مع الهنود في غرفة ضيقة وبعد عدة أسابيع تتوقف سيارة للتزود بالوقود ويفتح سالم غطاء الخزان ويذهب باتجاه نافذة السائق قائلا : كم يالطيب ؟ فيفتح السائق الزجاج وإذا بالمفاجئة الصاعقة إذا به ( سميحان ) فيقول باندهاش وسخرية : سااالم!! ويغرق في الضحك فيصدم سالم ويزداد سميحان في ضحكة وتهكمه ويشير إلى التى تجلس بجواره : شوفي شوفي يا مشاعل هذا اللي كان يقول عن نفسه أنه جامعي إمحق من جامعة, فتضع يدها على فمها من الصدمة فيصعق سالم ويتمادى سميحان في سخريته وينزل من السيارة صارخا بأعلى صوته: ياعالم ياهووه شوفوا الجامعات إيش تخرج, ويتجمع الناس عليهم وسالم يحاول إسكاته حتى لايعرف مدير المحطة أنه جامعي , وأخيرا يرحل سميحان ويتفرق الناس وإذا بالمدير واقفا ويقول له : أنا آسف يا ولدي ( لازم تسيب الشغل ) .
سعد زميل سالم جالس مع أصدقائه في شقته يسمع طرق الباب فينظر بحذر من العدسة وإذا به سالم فيفتح الباب ...
سعد : ألم أقل لك ستأتي ياسالم.
سالم : أتيت وأنا جاهز لكل شىء.
الدكتور حامد المرتاح في سيارته الفارهة في طريقه للمحاضرة واضعا أوراق المحاضرة على التابلوه, تتصل عليه زوجته لطلب أغراض للبيت ويتوقف عند مركز تموينات وينزل مستعجلا تاركا المحرك يدور والباب مفتوح.
يمر سعد وسالم ورفاقهما ويرون سيارة مفتوحة ومحركها يدور.. إنها فرصة لا تعوض, فيقفزون بداخلها ويهربون بها... ويخرج الدكتور حامد ولا يجد السيارة فيرفع الجوال ويكلم الشرطة بطريقته المتقعرة, ألووووه ... لو سمحت أنا انسرقت سيارتي ... لو سمحت يا ضابط إلحقوهم مو المهم السيارة المهم المحاضرة .

سالم وسعد ينطلقان بالسيارة .
سالم يجد بعض الأوراق على تابلوه السيارة... يرفعها وإذا مكتوب عليها ( عنوان المحاضرة – النظرية الخاصة وتحتها مكتوب د / حامد المرتاح فينظران إلى بعضهما ويستغرقان في الضحك ويقذفان بالأوراق خارج السارة .
**[/align]

آمل اعتماد هذا الموضوع و حذف الموضوع الشبيه الآخر و أعتذر للمشرقين عن هذا الخطأ

اخوي سند

مشكور على هذه القصه الجميله،

التي تحكي لنا واقع مرير يتكبده الخريجيون من الجامعات في بعض الأختصاصات،

والله يعين سالم على سميحان وطقته،

طرح موفق يالغالي،

وموضوع وفقت في أختياره


ننتظر جديدك


تحيتي

قصة واقعية معبرة .
شكرا اخي سند

الأخ عبد الله الموسي
أشكرك أخي على إطرائك و مرورك الجميل
و الموضوع ليس منقول بل هو من أعمالي القديمة رأيت إدراجها في المنتدى
و لك شكري

الأخ الآتي الأخير
لك جزيل الشكر على إطلالتك الجميلة

اشكرك اخي سند والله يبارك فيك ويحفظك للقصة المعبرة والتي يقع بها الكثيرررررر من خريجي الجامعات

كل الشكر لما طرحت وكتبت لنا من هذا الواقع والله يصلح الاحوال يارب