كثيراً ما تُنشر قصائد شعبية أو أن معظمها من الشعر الشعبي. آخذة مكاناً بارزاً في الصحف والمجلات المحلية، فإذا ما قرأها أي إنسان وجد أن قائلها أو ناظمها شحاذ محترف من الدرجة الأولى وأن القصيدة من رأسها حتى أخمص قدميها لا تعدو عن كونها «شحاذة شعرية» وغالباً ما تكون تلك القصائد العجفاء غير العصماء مصدرة بمقدمة رقيقة تتحدث عن الشخصية الاجتماعية المراد طلب «الفزعة» منه لصالح الشاعر الشحاذ، وبطبيعة الحال فإن مقدمة القصيدة لابد أن تتضمن عبارات إطراء من الوزن الثقيل لصاحب العطايا والهدايا وأنه ليس في حاجة إلى إطراء ولكن قريحة الشاعر أبت إلا أن تقدم في صفاته وكماله وجماله بعض ما يستحق من مديح، ثم تبدأ أبيات القصيدة في الانثيال أو الانهيار أو الانفجار في وجه القارئ الذي يدرك تماماً أن الهدف الأول والأخير الذي أراده الشاعر من نظم قصيدته هو الحصول على عطية مجزية، وهذا لا يعني أن جميع الشخصيات الاجتماعية المستهدفة بالقصائد والمديح لا تستاهل ما يقال فيها، بل إن واقع الأمر أن العديد منهم من الرجال الأخيار المستحقين للثناء، ولكن الطريقة التي يُمدحون بها عن طريق الشعراء الشحاذين تسيء إليهم أكثر مما ترفع من قدرهم لأنها تدل على أن الهدف منها الشحاذة فقط لاغير، وكان بإمكان هؤلاء الشعراء أو المتشاعرين إرسال قصائدهم على عنوان الممدوح الذي يأملون في عطاياه السخية أما إن أبوا إلا استخدام الصحف والمجلات المحلية لإيصال «شحاذتهم» إلى صاحب الشأن، فلتكن تلك القصائد على شكل «مادة إعلانية» مدفوعة القيمة تستفيد الصحيفة أو المجلة من قيمتها من باب التأكيد للقارئ بأن الصحيفة أو المجلة لا علاقة لها من الناحية الأدبية والنقدية بتلك المادة الإعلانية وإنما هي مادة جاءت عن طريق «قسم الإعلانات»، أسوة بغيرها من المواد الإعلانية!
أما أن يتصدر الشعراء الشحاذون صفحات الأدب الشعبي أو حتى الصفحات الثقافية العامة بأمثال هذه القصائد فإن في ذلك غمطاً لحق القراء الذين يودون أن يقرأوا في صحفهم المفضلة مواد ثقافية وإعلامية وفكرية لا قصائد شحاذة من الطراز الآخر!!
محمد أحمد الحساني
الشعراء الشحاذون !
العرض المتطور
