الشيخ/ حجرف بن عيّـاد الذويبي من بني عمرو من قبيلة حرب كان مشهوراً بالكرمفقد كان ينفق كل ما يملك ولا يهتم إكراماً لضيفه أو لشخص يطلب منه العون . . . وإذا لم يجد شيئاً يذبح شاة أولاده التي يشربون حليبها أو يذبح مطاياه التي يرتحل عليها , وفي كل مرة كان بنو قومهيجمعون له من إبلاً ويعطونه إياها عوضاً لما أتلفه بالكرم . . . وكلما جمعوا له من إبل أو غنم أتلفهبين ذبيح لصاحب حق من الضيفان وعطية لطالب المعروف من العربان ولا يزال هذا من فعله حتى يخرج من جميع ماله , وهكذا . . . وفي أحد الأيام كان حجرف وقبيلته نازلين بالقرب من الماء بالصيف وقد أتلف حجرف حلاله كله بالكرم , وأرادت القبيلة أن تجمع له كالعادة فقال بعضهم . . .لِمَ لا نعطي حجرف درساً قبل أن نعطيه الإبل لعله أن يمسك على الأقل مطاياه التي يتنقل عليها ؟ . .واتفقت القبيلة كلها على هذا الرأي . . . فقد قرروا أن يرحلوا ويتركوه , حتى يعرف مدى حاجته إلىالرواحل التي تحمله , فإذا مرت مدة صالحة للاعتبار , أرسلوا له من الإبل ما يحمله وأهله . . . حتى إذا ما أحس بحاجته إلى الإبل وبعد مرور أيام يرسلون له الإبل التي يتنقل عليهاوبالفعل رحلواوتركوه وهو ينظر لهم فلم يلتفت إليه أحد حتى بقي في مكانه عند الماء وحيداً . . . وبالمساءأخذت زوجته تكثر عليه الكلام واللوم , وتحاول أن تنصحه بأنه لو كانت لديه مطاياه لعانق قبيلته ولحق بها . . . وهكذالم ينم حجرف ليلته تلك فهم يريدون منه أن يتخلى عن طبع اشتهر به وعرف نفسه من خلاله وهو لا يستطيعوفي الصباح الباكر خرج حجرف من بيته يملأ قلبه الحزن والهم , وقصد إلى مكان مرتع كعادة البدوفي ضيقهم يبحثون عن المكان العالي ويبثون حزنهم من خلاله حتى تذهب الهموم فيعودوبعد أن وقف في هذا المكان وتلفت فإذا داب أعمى يقف أمام باب جحره فاتحاً فمه ولا يتحركوإذا بعصفور يقع على فم الداب ظناً منه أنه غصن شجرة فيلتهمه الداب ويدخل جحره . . .و حجرف يراقبه ولم يبارح مكان حتى جاء وقت العصر , فإذا بالداب يخرج ثانية ويفتح فمه كالمرةالسابقة ويأتي طير آخر ويقع في فمه فيلتهمه ويعود لجحره . . . أدرك حجرف أن الذي يرزق هذا الداب لن يتركه أبداً . . . فأنشد يقول
[poem=font=",6,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
يقول ابن عيـاد وإن بـات ليلـه=ماني بمسكيـن همومـه تشايلـه
أنا اليـا ضاقـت عليـه تفرجـت=يرزقني اللي مـا تعـدد فضايلـه
يرزقني رزاق الحيايـا بحجرهـا=لا خايلت برقن ولا هـي بحايلـه
ترى رزق غيري يا ملا ما ينولني=ورزقي يجي لو كل حـي يحايلـه
جميع ما حشنا نـدور بـه الثنـا=وما راح منا عارضنا الله بدايلـه
نوب نحوش الفود من ديرة العـدا=ونخـزز اللـي ذاهباتـن عدايلـه
خزن بالأيدي ما دفعنا بها الثمـن=ثمنها الدما بمطارد الخيل سايلـه
مع لابتن فرسان ننطح بها العـدا=كم طامعن جانـا غنمنـا زمايلـه
نكسب بهم مكسب وننزل بهم خطر=والله من قفـرن رعينـا مسايلـه [/poem]
وبالمساء بعد أن فرغ حجرف من قصيدته عاد لبيته وإذا هو محاط برعية إبل شاردة في الخلا بعد غزو بين جماعتين عقلها في الصباح ورحل عليها وتبع قبيلته التي تعجبت من حال الذويبي فأين كان وأين أصبحولما عرفوا القصة لم يعودوا ثانية لمعاتبته على كرمه