نقترب من عامنا الرابع للحضور الإعلامي لتنظيم "القاعدة" في السعودية، ومازالت في الرأس أسئلة كثيرة لم تطرح، أو لا ينبغي لها أن تتسلل حبراً على الورق.
كل الكتابات تتشابه أحياناً؛ إدانة لفعل إجرامي، تجريم لخطاب تحريضي، استعراض لمسلسل من الخسائر البشرية والمادية، ونجاحات متواصلة في ملاحقة مطلوبين ومشبوهين.
الكتابة تتوقف قبل الخطوط الساخنة، أو ما نسميها بالحمراء. من يرسم هذه الخطوط؟ أحياناً، نحن نفعلها. الخطوط الحمراء قد لا تكون كذلك لدى الجميع. "الجميع" هذه تشمل الجميع من وسائل إعلام ومسؤولين. قد ما نعتقده أحمر، هو برتقالي لدى المسؤول. نتجنب احتمالات الألوان بحثاً عن السلامة، فتضيع الأسئلة. في مجالسنا نملك كل الأسئلة، ونفتح النقاشات حول "القاعدة" وأحبابها وأنصارها، والراضين عليها والغاضبين منها. نتناولهم بالأسماء، ونستحضر الأدلة والشواهد، ونتذكر القصص المتشابهة، من "جهيمان" مروراً بالتائب "البراك" وأصدقاء "المعثم"، وليس انتهاءً عند "المقرن" وتوابعه. هؤلاء المتورطون بالدماء، نعرف قصصهم، ما أعلن رسمياً وما لم يعلن.
وفي مجالسنا نواصل الحكي عن منظّريهم أيضاً. نستحضر قصص التكفيريين، ونتائج أفكارهم ودعواتهم. من فتاوى الغائبين منهم بالوفاة، أو القابعين في الزنازين منذ زمن بلا تغيير، من "أبو سبيع" إلى "الفهد" المتراجع والمتراجع عن تراجعه.
الحديث في المجالس أكثر متعة. فيه الآراء تتضارب وتسخن، والخطوط الحمراء تتلاشى، حتى وإن كان بين الحضور شماغ برتقالي. وهذه الأحاديث لا تنتقل إلى الورق، ولا إلى الشاشة أحياناً، فتبقى الأسئلة في حدود الأصدقاء، ومعلقة في رقاب المناط إليهم ذمة الحديث إعلامياً.
نحمل أسئلتنا ونمضي بحثاً عن إجابات مازالت غائبة. نسأل عن استمرار تجنيد شبان جدد في التنظيم؛ شبان من فئات لم تعرف غير السعودية بلداً، لم تسافر إلى غير مدنها. نسأل عن الثغرات في عقل هؤلاء، ونسأل عن من جندهم، وجرأة الفعل.
لدينا أسئلة أخرى عن المال والتحريض والتعبئة والتهيئة، وأشياء أخرى هي اليوم بناء التنظيم، الذي يطل بين فترة وأخرى في رداء جديد سعياً لعودة الحضور. لا تصدمنا قائمة المضبوطين المائة والستة والثلاثين، لا تصدمنا كثيراً؛ لأن أسئلتنا مازالت معلقة في حلوقنا، تختبئ في دواخلنا، لعلمها أن لا أحد يرحب بها كثيراً، هي أسئلة جريئة خجولة، تتجرأ لتصف كلماتها مكملة السؤال، خجولة في التقدم إلى الضوء والعلن، فتموت داخلنا، تموت بصمتنا.
لن ننتظر طويلاً حتى نقرأ بياناً جديداً من المقبوض عليهم أو المطلوبين. سنترقب قائمة المطلوبين الرابعة قبل أن نستكمل عامنا الرابع على ظهور القائمة الأولى. قدرنا أن نستنشق قائمة في كل عام.
هل يحق لنا أن نسأل عن كل شيء، أي شيء؟
لا أحد يجيبك، حتى ذاتك لا تجيب ذاتك؛ لأنه لا أحد يعلم أين هذه الخطوط، وإن بحث عنها فلن يجدها، وإن عثر عليها فسيكتفي بلعنها، لا إزالتها.
بقلم الأستاذ / فارس بن حزام