محمد أبو عيطة سيناء- "ممنوع شرب الخمر.. ممنوع ضرب النار"، لافتات بات من المعتاد مشاهدتها مرفوعة على الخيام التي تقام فيها أفراح البدو في جنوب سيناء، للحد من تحول مناسباتهم السعيدة إلى "خمَّارات وجنائز"، ولحماية النشء الصغير من الاعتياد على هذه الموبقات، بحسب تعبير عدد من أبناء المنطقة. ويبرر الشيخ سالم الحويطي، من مشايخ قبيلة الحويطات بمنطقة رأس سدر هذه الظاهرة لـ"إسلام أون لاين.نت" بقوله: "منع شرب الخمر في الأفراح أمر كان لابد منه قبل أن يتحول إلى عادة راسخة في احتفالاتنا".
ولفت الشيخ الحويطي الذي رفع لافتات المنع خلال زفاف ابن أخيه الخميس الماضي في أكثر من مكان على خيام العرس، إلى أن "ظاهرة شرب الخمر بدأت تتسلل إلى مثل هذه المناسبات خلال السنوات الأخيرة بسبب الطابع السياحي المعروف لسيناء التي تمتلئ بالفنادق والأجانب ودور الملاهي".
وعبَّر سالمان أبو يوسف من أبناء قبائل جنوب سيناء عن سعادته بمثل هذا القرار الذي اتخذه عدد من أبناء جنوب سيناء "قبل أن تتحول أفراحهم إلى خمَّارات"، مشيرا إلى أن احتساء الخمر في الأفراح "أصبح للأسف عادة في السنوات الأخيرة".
عبد الله الجعيل -صحفي من بدو سيناء- قال لـ"إسلام أون لاين.نت" إنه خلال رصده لظاهرة عزوف أبناء الجنوب عن تقديم الخمور في أفراحهم، وجد أن من أقوى دوافعهم لذلك هو "حماية النشء الصغير من الانخراط في تقاليد مخالفة للدين"، أما قرارهم بمنع ضرب النار في تلك المناسبات "فاتخذوه حتى لا تتحول أفراحهم إلى مآتم بسبب أخطاء أو عدم خبرة في استخدام السلاح".
ولفت إلى أنه "في العادة كل بدوي يحمل سلاحا شخصيا خاصا به، وفي حالة مقتل شخص بطريقة الخطأ في أحد الأفراح فإنه بالإضافة إلى أنه يتحول لمأتم، فأيضا يولد صراعا داميا بين عائلتي القاتل والمقتول لسنوات طويلة قادمة؛ لأن عادة الأخذ بالثار لا زالت حية في تلك المنطقة
طمأنة للسياح
ولقيت هذه الخطوة من بدو جنوب سيناء ارتياحا كبيرا من جانب المسئولين الأمنيين هناك، وبرر أحدهم ذلك لـ"إسلام أون لاين.نت": "بأن عادة إطلاق النار في الأفراح، إضافة إلى أنها كانت تتسبب في مآس إنسانية ومشاكل اجتماعية أحيانا، فإنها كانت تثير فزع الأجانب السائحين في المنتجعات المنتشرة من رأس سدر غربا وحتى طابا شرقا".
ويؤيده في ذلك أحد القائمين على مشروع سياحي لنقل السائحين إلى بطون الأودية، وهي ما تعرف بسياحة السفاري، قائلا: "إن بعض الأجانب كانوا يتحركون في سيناء وهم مذعورون بعد أن صورت لهم آلة الدعاية الإسرائيلية أن سيناء منطقة إرهابية؛ وبالتالي فإن مجرد سماعهم إطلاق النار يتسبب في إرباكهم، وتفكيرهم ألف مرة قبل أن يقرروا الرجوع إلينا مرة أخرى".
وعلى هذا الأساس اعتبر المتحدث أن "قرار البدو بوقف إطلاق النار صائب جدا، خاصة أنه يعود عليهم هم أيضا بنفع مادي؛ لأن السياحة مصدر رزق للعديد منهم".
وتعتبر محافظة جنوب سيناء على ساحل البحر الأحمر من أشهر محافظات مصر جذبا للسياح؛ لما تحظى به من مشاهد طبيعية خلابة ونادرة، ومياه صافية مناسبة لرياضة الغطس، بالإضافة إلى معالمها الأثرية التي تجذب أتباع الديانات السماوية الثلاثة، وتنتشر بها تجمعات سياحية ذات طابع عالمي في شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا ورأس سدر.
وتجذب المحافظة سنويا 7 ملايين سائح بحسب تقديرات المحافظ اللواء محمد هاني، الذي يقول إنه جاري التخطيط لزيادة عددهم إلى 15 مليون سائح.