الخبر:ألغت الجزائر صفقة حديد ضخمة تقدر ب750مليون دولار مع شركة مصرية علي خلفية تداعيات مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر في نوفمبر الماضي . التعليق كتبه / شريف عبد العزيز
في سنة 1969 وقعت حرب عنيفة بين بلدين من بلاد أمريكا الوسطي المعروفة سياسيا باسم جمهوريات الموز لكثرة اضطرابها وانقلاباتها ، وكان السبب المعلن وراء تلك الحرب هو مباراة كرة القدم المؤهلة لنهائيات كأس العالم سنة1970 بالمكسيك ، والخلفيات الحقيقية لهذه الحرب العجيبة كانت أعمق من ذلك بكثير ، فمنذ أن سيطر الإقطاعيون في السلفادور علي المساحات الشاسعة في البلاد بمساعدة السلطات الفاسدة ، والأحوال داخل السلفادور آخذة في التدهور حتى اضطر أكثر من 300 ألف من السلفادوريين في الهجرة إلي هندوراس المجاورة وأقاموا بها لأجيال عديدة مما أدي لمشاكل اقتصادية في هندوراس وتفاقمت البطالة ، فقامت الحكومة في هندوراس بمنع السلفادوريين من تملك الأراضي فيها ، وطردت الكثير من أبناء السلفادور المقيمين ، وتوترت العلاقات بشدة بين البلدين ، وأججت وسائل الإعلام في البلدين العداوة المتبادلة بين الشعبين علي الرغم من انتمائهما لنفس العرقية ونفس المذهب الكنسي ـ الكاثوليكية ـ ثم أصلح بينهما الرئيس الأمريكي جونسون ولكن علي دخن
ثم جاءت تصفيات كأس العالم سنة 1970 والمقامة في المكسيك لتوقع البلدين في مواجهة حاسمة علي تذكرة التأهل ، وفي المباراة الأولي فازت هندوراس علي ملعبها وتلي ذلك الفوز اعتداءات واسعة النطاق علي الجماهير السلفادورية ، تطورت بعد ذلك لمهاجمة الأحياء التي تقطنها الجالية السلفادورية وتحطيم البيوت والمحال المملوكة لهم ، واضطر عشرا الآلاف من السلفادوريين للفرار من هندوراس تاركين أموالهم ناجين بأرواحهم ، وبعد أسبوع واحد أقيمت المباراة الثانية بالسلفادور في أجواء حرب ، وفازت السلفادور بنفس النتيجة ووقعت نفس الاعتداءات ولكن علي الجانب الهندوراسي ، ووصل الاحتكام لمباراة فاصلة .
في 14 يوليو سنة 1969 كانت المباراة الفاصلة التي انتهت بفوز السلفادور وتأهلها ، ومع صفارة حكم اللقاء كانت قوات الجيش في البلدين منتشرة علي الحدود لتبدأ معركة من أعجب معارك التاريخ المعاصر يتم خلالها تدمير أجزاء واسعة من البلدين ومقتل وتشريد عشرات الآلاف من الجانبين ، وبعد سنة أيام توقف القتال بتدخل من الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية . ومازال التحريض مستمرا
لا يمكن أن نعزل ما جري بين مصر والجزائر منذ نوفمبر الماضي وحتى الآن عن السياق التاريخي الذي وقع منذ أربعين سنة بين السلفادور وهندوراس ، فالتداعيات لم تقف بين البلدين حتى الآن وأجواء الحرب مازالت مشتعلة متأججة وذلك بسبب إصرار البعض في القيادات السياسية في البلدين علي إبقاء الأمور متوترة وملتهبة و الذي يريد أن يجعل من هذه القضية مسألة أمن قومي ، أو حياة أو موت ،وإبقائها في دائرة الضوء أطول فترة ممكنة لتكون غطاءً لكثير من الملفات التي يراد التعمية عنها وسترها .
ونحن هنا لا ننحاز لطرف علي حساب طرف ، ولكن مسلسل التحريض العبثي الذي حاول عقلاء البلدين وقفه بشتى الوسائل وقفه قد أصبح عصيا علي الحل ، خاصة من الجانب الجزائري الذي علي ما يبدو أن ثمة أطراف عديدة داخل الرسمي الجزائري تود استمرار هذا التصعيد والتوتر بين البلدين الكبيرين العريقين ، فمسألة إلغاء صفقة الحديد الضخمة الأخيرة قد سبقتها العديد من الخطوات علي طريق المقاطعة الاقتصادية ، بعد تحطيم فرع شركة مصر للطيران بالجزائر ، والاعتداء علي الممتلكات الخاصة للمصريين المقيمين هناك ، ثم لعبة القط والفأر مع شركة أوراسكوم للمحمول ، وإلغاء عدة معاهدات واتفاقيات ثنائية في مجال التنمية الاقتصادية والثقافة ، وكلها خطوات جاءت من الجانب الجزائري . فلماذا هذا التصعيد المتزايد من الجانب الجزائري ؟
للإجابة علي هذا السؤال لابد من التوجه إلي داخل أروقة صنع القرار بالجزائر ، ولعبة الصراع علي خلافة الرئيس بوتفليقة الذي يعاني من أمراض متعددة وحالته الصحية متدهورة منذ فترة ، وقد يقال نفس الكلام علي الرئيس مبارك ولكن الوضع يختلف عن الجزائر ، فالوضع داخل مصر يميل نحو الاستقرار رغم الحراك السياسي واسع النطاق وارتفاع صوت المعارضة في الآونة الأخيرة ، إلا أنه يبقي في النهاية شبه مستقر ، خاصة و أن أجهزة الدولة ومؤسساتها وهيئاتها تحت قبضة الحزب الحاكم ولا خوف منها خاصة المؤسسة العسكرية .
في الجزائر يوجد منذ فترة صراع مكتوم بين أجنحة السلطة علي خلافة الرئيس بوتفليقة التي تتزايد عليه العلل يوما بعد يوم ، هذا الصراع بدأ يميل لصالح شخصية جديدة وافدة علي الساحة الجزائرية هو الدكتور سعيد بوتفليقة أستاذ الفيزياء والأخ الأصغر للرئيس بوتفليقة ، والذي ظل حتى سنة 1999 شخصية مغمورة لا يعرفها سوي طلاب كليات العلوم والفيزياء كمحاضر للمادة ، إذ التحق الدكتور سعيد بالجملة الانتخابية لأخيه بناء علي نصيحة الجنرال بلخير الملقب بصانع الرؤساء في الجزائر ، ومنذ هذه السنة ونجم الدكتور سعيد في صعود ، ونفوذه في ازدياد خاصة مع تقلص دور المؤسسة العسكرية وضعف تأثيرها بسبب شيخوخة قادتها .
الدكتور سعيد والذي يتولي الإشراف علي قصر المرادية أي قصر الرئاسة بعد أن أطاح بمعلمه السابق الجنرال بلخير ، أصبح أهم شخصية يعتمد عليها الرئيس بوتفليقة فهو الرجل الثاني في الدولة ،ويقوم بإعداد أجندة الرئيس الخاصة ، وهو الذي يحدد من يقابله الرئيس من يرفض لقاءه ، وهو همزة الوصل بين قصر الرياسة والمؤسسة العسكرية ، ونفوذه لا يقتصر علي هذه الأعمال الإدارية البرتوكولية فقط ، بل تعداده إلي مؤسسات سيادية داخل الدولة ،حتى أصبح الجميع يخشي بطشه داخل الحكومة الجزائرية ، ولقد أكدت صحيفة لوموند الفرنسية أن الأخ الأصغر للرئيس بوتفليقة هو الحاكم الفعلي في الجزائر أثناء غياب أخيه للعلاج بفرنسا ، وأنه العقل المدبر للقرار السياسي والاقتصادي في البلاد ، وهذا ما أكدته صحيفة الخبر الجزائرية عندما ذكرت في عددها الصادر في 24 أغسطس الماضي أن الوزراء قد أصبحوا مثل البيادق في يده .
العديد من المصادر الجزائرية أكدت أن الأطراف المتصارعة علي خلافة بوتفليقة قررت استغلال أحداث مباراة مصر والجزائر في تأجيج المشاعر القومية ، والظهور بمظهر الوطنية والدفاع عن حقوق الشعب الجزائري وشرفه ومكانته وتاريخه إلي آخر هذه اللافتات التي رفعت في الحرب الدعائية المتبادلة بين البلدين ، وأصبح تداعيات هذه المباراة الحربية مضمارا للتسابق بين المتنافسين علي كعكة خلافة بوتفليقة ، وأصبحت أجهزة الدولة الجزائرية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإعلامية تتباري فيما بينها في أيهم أشد تأجيجا وتصعيدا لأحداث المباراة المشئومة ، وهذا يفسر لنا سر التصعيد الجزائري المستمر تجاه ملف المباراة بصورة تصل إلي حافة قطع العلاقات بين الدولتين .
كما لا نستطيع أبدا أن نغفل دور الحزب الفرانكوفوني أو تيار الفرنسة داخل الجزائر ، وهو تيار قوي له نفوذ وحضور أروقة الحكم بالجزائر ، وهو التيار الذي يعمل جاهدا علي استمرار التغريب والولاء لفرنسا داخل بلد المليون شهيد وزيادة منذ أن دحرته عزائم المجاهدين من أبناء هذا البلد العريق ، هذا التيار كان من أشد المسعرين لأحداث المباراة المشئومة ، وهدفه من ذلك محاربة الهوية القومية للشعب الجزائري والتشكيك في عروبته ، وهذا الحزب له الحضور الأبرز في وسائل الإعلام ، ومن ثم راح هذا الحزب في إبراز التصريحات المصرية المتهورة والتي تشكك في عروبة الجزائر وهويتها ، وهي التصريحات التي خدمت بشدة موقف هذا الحزب الداعي للتوجه شمالا ، والإعراض عن القومية العربية والإسلامية . المصيبة الحقيقية
والمصيبة الحقيقية ليست فيما تقوم به أجنحة الصراع علي السلطة هنا وهناك ، ولكن المصيبة في تفاعل الشعبين مع هذا التصعيد الجاهلي ، والسعادة الغامرة والشماتة المتبادلة التي تغمر هذا الشعب أو ذاك تجاه ما يصيب الآخر من نوازل ونكبات ، والتوتر غير المسبوق الذي حدث علي مستوي الشارع بين الشعبين ، ودائما ما كانت تقع الخلافات الجانبية بين القيادات السياسية في هذا البلد وذاك ، في حين تبقي أواصر الود والمحبة بين الشعوب كما هي لا تتأثر بألاعيب الساسة ، ولكن لأول مرة يقع مثل هذا الفصام النكد بين أبناء الشعوب التي تجمعها أعظم وأسمي الروابط وهي رابطة الإسلام والتوحيد ، أضف إلي ذلك روابط العروبة والقومية والجغرافية ، والعجيب أن يقع هذا الفصام بين شعوب يوجد لديها قواسم مشتركة كثيرة ، بل لا يوجد أي دافع للافتراق سوي ما جري من أحداث المباراة المشئومة . العالم في الستينيات ضحك كثيرا علي ما جري بين هندوراس والسلفادور بسبب مباراة كرة قدم ، وأطلقوا علي هذه الدول اسم جمهوريات الموز أي التي لا تحسن إلا زراعة الموز ، فأنه مما لاشك فيه أن البلاد العربية اليوم قد أصبحت أكثر جدارة بهذا الوصف لأنها في ظل الصراع الذي لا ينقطع وعلي أتفه الأسباب أحق بوصف جمهوريات الموز العربية
هذا الاسم جميل فى معنا ولكن نتمنا من الله عز وجل باْن الشعب ياْكل الموز
ويرمى القشر للحكومة لعلا واعسى الئ مقدر عليه الشعب يقدر عليه قشر
الموز ... شكرا لك ............ ابوسليم
اليوم01 06 2010 إلتقى مبارك مع بوتفليقة بفرنسا و تصافحا
الموضوع مفيد و لكن يحتاج إلى المزيد من المعلومات لخدمت الشعوب و ليس الأنظمة
تشكر أستاذ
مهناك كلام لأكبر و أخطر معارض سياسي و تعتبره فرنسا خطر على مصالحها و خطير على الكيان الصهيوني مسجل على اليوتيب
و إسمه علي بن حاج يوضح فيه حقيقة أزمة كرة القدم بين مصر و الجزائر
جمهوريات الموز العربية!
العرض المتطور
