الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى القصص والروايات ساحة القصص الشعبية والروايات الأدبية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-06-10, 01:38 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية المؤدب

 

البيانات
التسجيل: Dec 2009
العضوية: 8871
المشاركات: 311 [+]
بمعدل : 0.05 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 225
نقاط التقييم: 36
المؤدب is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
المؤدب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي قصة الخل الوافى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أُسقِط في يد محسن عندما وضَع يده في جيبه فلم يجد المال، دارَتْ به الدنيا، وأخذ يحدِّث نفسه:
"أين ذهب المظروف الذي كان به المال؟ لا بُدَّ أن أحدا أخذه!"، وبعد تفكيرٍ عميق قرَّر أنْ يسأل سعيدًا؛ لعلَّه يجد عنده جوابًا.

أنكر سعيد أنه رأى المال، وطَفِقَ يبحث عنه في كلِّ مكان في الغرفة، وعندما لم يعثر له على أثر، سأله قائلا:
أمتأكِّد يا محسن، أنك لم تتركْه في بيتك؟
أنا متأكِّد أنَّني وضعتُه في جيبي قبل مغادرة البيت.
ربما سقط منك في مكان آخر، تذكَّر جيدًا.
لا أبدًا؛ فأنا جئتُك مباشرة، ولم أذهب إلى أيِّ مكانٍ آخر، وليس لديَّ ذرَّة شكٍّ بأنَّني فقدتُه هنا في بيتك.

طَفِقَ سعيدٌ يفكِّر في طريقة للخروج من المأزِق الذي وقع فيه، ولم يجد بُدًّا بعد تفكيرٍ من إحضار المظروف الذي وصَفَه له محسن.

قدَّمَه إليه مُعتذِرًا وتَوسَّل إليه ألا يخبِر أحدًا، وأنْ يظلَّ الأمر سِرًّا بينهما، ثم انطلَقَا معًا إلى معرض السيارات حسب الاتِّفاق، فاشتَرَى محسن سيارة جديدة.

وبينما هو في طريقه إلى بيته تذكَّر ما وقع له مع سعيدٍ، فاعتَرَاه الذُّهول، فجعل يَتساءَل في نفسه: "أيُعقَل أن يكون سعيد غادرًا؟ أيُعقَل أن يكون في مَقدُور إنسانٍ أن يخدع الناس لمدَّة طويلة من الزمن مثله؟! لقد سارَتْ بسُمْعته الحسنة الركبان، وطبق صيته الجميل الآفاق! ولكن على ما يبدو أنَّه كان داهية، وثعلبًا ماكرًا، وممثِّلاً بارعًا؛ إذ استطاع أن يَتلاعَب بعقول الناس وعواطفهم ويُوظِّف ثقتهم فيه لمآرِبه وأطماعه الشخصية، كم كنت ساذجًا عندما طلبت منه أن يصحبني إلى معرض السيارات ليساعدني في شراء سيارة، ولولا أنَّني اكتشفت الأمر قبل مُغادَرة بيته لضاع المال!

لم يَدُرْ في خَلَدِي لحظة أنَّه سيسرقني، وأعجب من ذلك كلِّه أن يطلب منِّي أن أستره ولا أخبر أحدًا بغدره وخيانته، ألِكَي يبحث عن ضحيَّة أخرى، أو لكي يلسع صديقًا آخر؟!".

هزَّ رأسه متأسِّفًا وهو يصفُّ سيَّارته الجديدة أمام بيته، ثم قال لنفسه: "ألهذا الحدِّ فقدت الثقة وتحوَّل الناس إلى وحوش؟! ربما كنت أشكُّ في نفسي ولا أشكُّ في سعيد"، لقد ذكَّرني غدره بقول الشاعر:

أَيْقَنْتُ أَنَّ الْمُسْتَحِيلَ ثَلاَثَةٌ
الْغُولُ وَالْعَنْقَاءُ وَالْخِلُّ الْوَفِي

ثم قرَّر في نفسه ألاَّ يترك أحدًا يعرف سعيدًا ولديه علاقة به إلا أخبره بالواقعة.

تغيَّرت نظرة الناس إلى سعيد، ولم يكن يدري سبب ذلك، ولَمَّا وقف على السبب حين تَناهَى إلى مَسامِعه ما يَدُور في الحيِّ من كلام وغَمْز ولَمْز، وعلم بأنه أصبح فاكِهَة المجالس، ومثالاً في الخيانة والغدر، لَزِمَ بيته حزينًا كئيبًا، ولم يعد يخرج إلى الناس كعادته.

لقد بلغ به الحزن مبلغًا عظيمًا حين رأى تنكُّر أصدقائه له وتركهم له، وزهدهم في علاقته؛ إذ لا شيء يُحزِن الإنسان كالقدح في ذمَّته وأمانته، إلاَّ أن المصيبة تكون أعظم ووقعها أشد مَضاضة إذا جاء القدح من صديق أو حبيب أو قريب.

لم يجد سعيد مَلجَأً في كربته إلا الله، ليشكو إليه حاله، ويبثَّ إليه آلامه وأحزانه، وكان سلاحه في مصيبته الدعاء والتضرُّع إلى الله.


وذات ليلةٍ من ليال الربيع الجميلة ارتَدَى محسن معطفه ليتَّقي نسيمه البارد، وبينما كان يهمُّ بالخروج من بيته وضع يده في جيبه، وفجأة تحسَّس مظروفًا فأخرَجَه وفتَحَه بلهفة فوجد فيه المال الذي ادَّعى أنَّه فقَدَه في بيت سعيد، فسأل زوجته عن المال في حيرة، فردَّت عليه متعجِّبة:
لا أدري عنه شيئًا!

وما لبثت أن هزَّت رأسها وقالت في دهشة:
نعم، نعم؛ الآن تذكَّرت، لقد لبست هذا المعطف وأردت الخروج به من البيت يوم اشتريت السيارة، ثم رجعت وقلت لي: إن الجوَّ ليس باردًا ولا داعي لارتِدائه، ثم وضعته وخرجت.

أحسَّ بماء بارد يسري في ركبتيه، ولم يستطع الوقوف على قدميه، فرمى نفسه على الأريكة التي كانت خلفه، وأخذ يُرَدِّد: "لا حول ولا قوَّة إلا بالله".

ثم قال بلوعة:
لقد كنت لئيمًا مع صديقي سعيد يا جميلة، هذا هو المظروف الذي اتَّهمته بمحاولة سرقته منِّي!
ثم قال يؤنِّب نفسه: "لقد ظننت به ظنَّ السوء وفضحته بين الناس، وسبَّبت له أزمة نفسية، فماذا أفعل الآن؟ وكيف ينبغي أن أتصرَّف يا ترى؟".

سكت قليلاً فعاد بخياله إلى بيت سعيد، وجعل يتذكَّر ما دار بينهما، ثم وضع يده على رأسه وطَفِق يَتساءَل: "... غير أنَّني لا أفهم لماذا دفع إليَّ المال ووضع نفسه في موضع شبهة حين طلب مِنِّي عدم إبلاغ الناس بالأمر؟! على كلٍّ ما كان ينبغي لي أن أفضَحَه بتلك الطريقة، وليس أمامي الآن إلا الاعتذار منه؛ فلقد أحسن إليَّ وأسأت له، وهذا ليس من المروءة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! ولكن هل سيَقبَل اعتِذاري بعد الذي سبَّبته له من مصائب؟ إن الاعتِراف بالخطأ فضيلة، وعليَّ الاعتِراف بالذنب وتحمُّل مسؤولية تسرُّعي ونَزَقِي".

وفيما كان سعيد غارقًا في بحر أحزانه، سادِرًا في همومه وآلامه، إذ لم يبقَ على الأجل الذي ضربه لجاره لإرجاع المبلغ له إلا ثلاثة أيام، ولم يستطع بيع مزرعته التي عرَضَها للبيع منذ أن اقتَرَض المبلغ وأعطاه لمحسن، فقد جرت الرياح بما لم تشتَهِ السفن، ولم يكن يعلم أن الله قد أذن بنُزُول الفرج.

سمع طَرْقًا على باب بيته فقام مُتثاقِلاً، أخذَتْه الرهبة وسرَتْ في وُجدانِه الحيرة وهو يرى عددًا من أصدقائه السابِقين يتقدَّمهم محسن عند الباب، رحَّب بهم بابتِسامة مُصطَنعة كَئِيبة، ثم دعاهم للدخول.

لم يكن أحدٌ منهم يعلم سبب دعوة محسن لهم لزيارة سعيد في بيته، وظنُّوا أنه أشفق عليه حين سمع أن حالته النفسية قد ساءَتْ وظروفه المالية قد تدهورت.

جلس الجميع في صَمْتٍ كأن على رؤوسهم الطير، هبَّتْ رياح الظنون على سعيد من كلِّ جانب؛ فجلس حائرًا مطأطئ الرأس حزينًا بعدما قدَّم إليهم القهوة.

خرق محسن الصمت قائلاً:
إنما طلبت منكم مرافقتي لزيارة هذا الرجل الأمين لأعتَذِر له، وأعتَرِف بذنبي أمامكم جميعًا لعل الله يغفر لي.

ثم واصَلَ حديثه في جوٍّ من الذهول والدهشة:
كما أريد أن أُعلِن أمامكم جميعًا أن سعيدًا كان نِعمَ الصديق، ونِعمَ الخل الوفي، إلا أنني اتَّهمته بالباطل والبهتان!

ثم قام من مكانه فجأة وهوى على رأس سعيد ليقبِّله فدفَعَه برفق، وهو يُرَدِّدُ في ذُهُول:
أستغفر الله، أستغفر الله.

ووسط دهشة الجميع أخرج محسن مظروفًا من جيبه وقدمه إليه قائلاً:
خذ مالك يا أنبل مَن رأَتْ عيني، وأوفى صديق.
ثم راح يقصُّ عليهم الأمر.

عقدت المفاجأة لسان سعيد ولم يستطع أن يَنبِس ببنت شفة، وكأنَّ الذئب قد أكَلَ لسانه، وكانت عيناه تدمعان من الفرحة، وقلبه يلهج بحمد الله وشكره.

لم يجد سعيد بُدًّا إزاء إلحاح الجميع لمعرفة سبب إقدامه على إعطائه المبلغ، ووضع نفسه في مأزق، وموضع شبهة، فقال سعيد بصوت أجش:
"الحمد لله أولاً على إظهار الحقيقة، فهو وحدَه يعلم أنني كنت أثق في محسن، وأعلم بأنه صادق في ادِّعائه بفقْده ماله، وكنت أعلم أنه واهِم في ذلك، بَيْدَ أنَّه حين أصرَّ على أنه لم يذهب إلى أيِّ مكان آخر، وأنَّه فَقَدَ ماله عندي وفي بيتي، شعرت بالعطف نحوه ولم أُرِدْ أن أكسر قلبه، كما أنَّني أردت ألاَّ أترك مجالاً للشيطان ليتسرَّب إلى قلبه، تركته في غرفة الضيوف واتَّصلت بجاري التاجر بالهاتف، وطلبت منه أن يُقرِضني المبلغ الذي ذكَرَه لي لأجلٍ مسمًّى، فوضعته في مظروف أبيض كالذي وصَفَه لي، وطلبت أن يظلَّ الأمر سرًّا بيني وبينه، فوعَدَني بذلك ولم يَفِ بوعده!".

سكت قليلاً ثم قال بعطف:
سامَحَك الله يا محسن.















عرض البوم صور المؤدب   رد مع اقتباس
قديم 02-06-10, 04:01 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية مسامر القمرا

 

البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 4646
المشاركات: 353 [+]
بمعدل : 0.06 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 246
نقاط التقييم: 10
مسامر القمرا is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
مسامر القمرا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : المؤدب المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي رد: قصة الخل الوافى

الله يعطيك العافية على الطرح القيم والاختيار الموفق















عرض البوم صور مسامر القمرا   رد مع اقتباس
قديم 02-06-10, 04:16 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
أخت الصقر
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية زرقاء اليمامة

 

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 9455
المشاركات: 3,311 [+]
بمعدل : 0.59 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 526
نقاط التقييم: 60
زرقاء اليمامة will become famous soon enough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
زرقاء اليمامة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : المؤدب المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي رد: قصة الخل الوافى

اشكرك على هذه القصة االتى تاصف قدرة الله عزاوجل فى ازهار الحق
ومن يلجاء الى الله لا يخيب رجائه

ونعم ب الله

تحياتى لك الاخ ............. المؤدب















عرض البوم صور زرقاء اليمامة   رد مع اقتباس
قديم 02-06-10, 08:34 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: Aug 2009
العضوية: 8071
المشاركات: 67 [+]
بمعدل : 0.01 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 204
نقاط التقييم: 36
جريح الصمت is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
جريح الصمت غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : المؤدب المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي رد: قصة الخل الوافى

يامؤدب في زمن قل فيه الأدب
سعيد كان وفيا ............ وحتى لو صديقه كذبه
ربما تعرض هذا الصديق للدغةىمحتالا او نصاب فهم كثر في زمننا
شكرا لك يا مؤدب على الموضوع الفائق الأدب















عرض البوم صور جريح الصمت   رد مع اقتباس
قديم 02-06-10, 03:49 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية المؤدب

 

البيانات
التسجيل: Dec 2009
العضوية: 8871
المشاركات: 311 [+]
بمعدل : 0.05 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 225
نقاط التقييم: 36
المؤدب is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
المؤدب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : المؤدب المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي رد: قصة الخل الوافى

شاكراً لك أخي مسامر القمرا
على مرورك الصفحتي
وبارك الله فيك















عرض البوم صور المؤدب   رد مع اقتباس
قديم 02-06-10, 03:50 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية المؤدب

 

البيانات
التسجيل: Dec 2009
العضوية: 8871
المشاركات: 311 [+]
بمعدل : 0.05 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 225
نقاط التقييم: 36
المؤدب is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
المؤدب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : المؤدب المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي رد: قصة الخل الوافى

شاكراً لك أخي زرقاء اليمامة
على مرورك الصفحتي
وبارك الله فيك















عرض البوم صور المؤدب   رد مع اقتباس
قديم 02-06-10, 03:51 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية المؤدب

 

البيانات
التسجيل: Dec 2009
العضوية: 8871
المشاركات: 311 [+]
بمعدل : 0.05 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 225
نقاط التقييم: 36
المؤدب is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
المؤدب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : المؤدب المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي رد: قصة الخل الوافى

شاكراً لك أخي جريح الصمت
على مرورك الصفحتي
وبارك الله فيك















عرض البوم صور المؤدب   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL