أعجبني التقرير الذي نشرته الحياة أمس واستطلعت فيه آراء عدد من المعتمرين حول القمة الإسلامية في مكة المكرمة فقد تساءل معتمر مصري: «إحرامي مصنوع في الصين.. ألا يوجد بلد إسلامي قادر على صناعة إحرام؟»، بينما قالت معتمرة تونسية للحياة: «بحثت عن هدية مصنوعة في مكة المكرمة أو أي بلد إسلامي آخر مثل مصر أو تركيا فلم أجد.. حتى سجادة الصلاة تنسج في دول غير إسلامية»، وفي التعليقين تبدو ملامح المشكلة الحقيقية التي يعيشها العالم الإسلامي فهو بحاجة لإنتاج أشياء أخرى غير العويل!.
لاشك أن القمة الإسلامية ستكون مشغولة بالملفات السياسية الساخنة وفي طليعتها المجازر التي يتعرض لها الشعب السوري الشقيق ما يجعل الحديث عن إعادة إحياء مشروع السوق الإسلامية المشتركة حديثا بلا معنى، فالمطلوب اليوم هو إقناع المسلمين بعدم قتل بعضهم البعض ولا وقت للحديث عن الصناعات المشتركة وتبادل الخبرات وتوقيع الاتفاقيات التجارية !، هذا بخلاف أن أغلبية الدول الإسلامية تعاني من مشاكل اقتصادية عويصة ولا يعول عليها في بناء اتحاد اقتصادي مؤثر.
للأسف الشديد لا يوجد بين الدول الإسلامية مصالح اقتصادية مهمة، يوجد مصالح سياسية وطائفية فقط .. الدولة الأولى تدعم الدولة الثانية كي تستغلها في صراع مع دولة ثالثة، هذه هي المصالح المشتركة في العالم الإسلامي!.. حيث لا توجد أسواق مفتوحة أو سلع متبادلة أو صناعات مشتركة أو خطوط نقل متطورة بل توجد حكومات تدعم أحزابا وأجهزة مخابرات تدعم تنظيمات إرهابية ودول تتحالف ضد دول أخرى، لا بيع ولا شراء ولا سفر.. بل مكائد سياسية وأكثر من أمر دبر بليل!.
الكثير من دول العالم الإسلامي تعتبر دولا فقيرة بالمقاييس العالمية وهي غارقة في الديون وتعيش على المساعدات الخارجية وهي لا تملك القدرة على التعاون الاقتصادي مع الدول الإسلامية الغنية، ولكنها قادرة على استيعاب استثمار يمكنها من صناعة الإحرامات وسجاجيد الصلاة، فالأفضل بالنسبة للمسلمين تلك الدول أن يحصلوا على عمل يمكنهم من صناعة منتجات يحتاجها العالم الإسلامي عوضا عن أن يصطفوا في طوابير طويلة أمام شاحنة تحمل المساعدات الغذائية القادمة من دولة إسلامية غنية.
أما بالنسبة للدول الإسلامية التي تعيش أوضاعا اقتصادية جيدة فإنها تحتاج إلى فلسفة جديدة للتعاون الاقتصادي فيما بينها بحيث يتم إبعاد الاقتصاد عن الصراعات السياسية، صحيح أن تقبل هذا المبدأ يبدو عملية شبه مستحيلة في عالمنا الإسلامي.. وخصوصا في هذه الأيام، فالاختلاف السياسي كفيل بإنهاء التعاون الاقتصادي ( أوتوماتيكيا) ولكن لو تأملنا في الأمر قليلا لوجدنا أن المصالح الاقتصادية المشتركة هي وحدها القادرة على أطفاء أي حريق سياسي محتمل!.
خلف الحربي
المسلمون بلا مصالح مشتركة !
العرض المتطور
