النذر التي تنشر حول الصحة العامة في المملكة غير مبشرة بتعامل صحيح معها، فهناك تزايد هائل بنسب مرض السكري والضغط، وأخطرها تقرير المستشفى التخصصي بالرياض عن اكتشاف كل شهر ألف حالة سرطان عجز المستشفى عن استيعابها، وقصور في التعامل معها من مستشفيات الحرس الوطني والجامعي والعسكري. وقد كثرت التكهنات والتوقعات من القول إن السبب غذائي نتيجة عدم مراعاة النواحي الصحية في تناول الأطعمة، وآخر يحيلها إلى التوسع باستخدام المواد الكيماوية في غذائنا ومائنا وملابسنا، وبإسراف بما في ذلك المعالجات الزراعية والمنزلية في المكافحة، أو تلوث البيئة وغيرها من التفسيرات التي لم تصل إلى الحقيقة الواضحة..
قبل أن نصل إلى اليقين الذي يضعنا على حقيقة تفشي هذه الأمراض إلى جانب الجنسي منها كالإيدز وغيره، لا ندري ماذا عملت مراكزنا البحثية، إن وجدت، أو حاولت الاستعانة بخبرات دولية، لأن مضاعفات الأعداد للمرضى ليس خسارة بشرية فقط بل كلفة مالية هائلة، والمؤسف أن كل ظاهرة تحدث لا تعامل بمبدأ المعالجة العلمية بتقصي المشكلة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية على الحاضر والمستقبل..
صحيح أنه حدثت طفرة في تناول أغذية لم تكن سائدة في مجتمعنا، وأن العولمة جلبت معها الايجابيات والسلبيات، وأننا ضحية سلوك جديد دخل علينا من أبواب مختلفة، لكن الموضوع لم ترافقه نشرات وعي في المدارس والمنازل، وحملات على مختلف الأضرار التي تسببها نواتج ما نستعمله أو نتغذى عليه من مواد يحظر بعضها دولياً وتباع أو تستخدم في ظل رقابة غائبة، سواء من وزارة الصحة أو الزراعة والجمارك وغيرها طالما سوقنا مباح لبيع وشراء المحلل والمحرم صحياً..
لدينا طاقات بشرية تملك اختصاصات جيدة في مجالات عديدة لكنها لا توجه إلى اختصاصاتها لتعمل وفق منظومة واحدة، حتى أن عاهات المواليد التي دخلت قواميسنا بالتوحد، والعاهات الجديدة بما فيها الأمراض الوراثية نتيجة زواج الأقارب بقيت تعالج بما لا يشكل عملاً منظماً حتى لا يجعل مواريثنا للأجيال القادمة مصابين بعاهات أو أمراض مزمنة..
إذا كانت تقرير التخصصي أفرز تزايد أعداد مرضى السرطان، فهناك إصابات واكتشافات أخرى مسكوت عنها حتى أن أعداد من يزورون المستشفيات الحكومية والأهلية والعيادات الخارجية، لم تأت بسبب الوقاية والكشف الدوري، وإنما لوجود هذه الأمراض، وهي أجراس إنذار عن احصاءات لو حصرت وأخرجت بياناتها لربما أثارت الفزع، رغم تحسن الدخول المادية والسكن وتوفر الغذاء وانتشار قليل من الوعي الصحي، ونحن في هذا المشكل الجديد، يجب أن لا يمنعنا التستر، أو الشعور بقصور العناية الصحية من أن لا تصدر احصائيات دورية موثقة عن الصحة العامة كل ستة أشهر أو عام، لأن هذا الجانب جزء من تطور أو تخلف مجتمع ينشد أن تصبح الصحة عاملاً يرافق كل متطلبات المجتمع الأمنية ومطالبه الأساسية الأخرى..
يوسف الكويليت