و ماذا بعد اقالة الوزير ؟

•• لو طبقت قاعدة إقالة الوزير.. أو استقالته إثر وقوع أي خطأ.. فوق أو تحت الشمس.. لما بقي لدينا وزير واحد.. بل ولما وجدنا أي وزير جديد يستطيع المكوث في منصبه أكثر من أسبوع واحد..

•• لا أقول هذا الكلام من باب استهجان الفكرة أو التندر بها، وإنما أقوله من باب تقرير الواقع..

•• وحتى الوزراء وكبار المسؤولين الذين يستقيلون في دول أخرى.. إنما يفعلون ذلك كجزء من ثقافة عامة سائدة في بلدانهم.. وهي شيء أساسي لا بد أن تكون موجودة في الإصل حتى يحاسب هذا الوزير أو ذاك على أساسها.. وحتى ننتصر بذلك للحقين الخاص والعام بإقالته أو تشجيعه على الاستقالة أو بمبادرته إليها..

•• وإذا أردنا أن نكون واقعيين أكثر.. ولا نلعب ككتاب على مشاعر الناس.. فإن علينا أن ننظف مجتمعنا (أولا) من «الأوساخ» العالقة به.. حتى نستطيع أن نقتلع أسباب الفساد.. وتراكمات الأخطاء.. وعلى كل المستويات.. بدلا من أن نتوقف عند حالات.. أو أجهزة.. أو أسماء بعينها.. وقبل أن ننسى أن للفساد ــ أكثر من طرف ــ كما هي العادة..

•• وكما قلت في البداية.. فإن التوجه باستقالة أو إقالة الوزراء وإن كانت دوافعه مفهومة.. إلا أن علينا أن نكون واقعيين أكثر.. ونعترف بأننا جزء من هذا الفساد.. وبعض من أدواته.. ونقاط الضعف في مقاومته.. وإلا.. فإن علينا أن نعاقب (مثلا) الراشي.. قبل المرتشي.. وأن علينا أن نتعقب السماسرة والوسطاء قبل أن نطيح برأس المفسد.. أو المستفيد من الصفقة.. أو المغيب عن الأخطاء والممارسات التي تزعجنا..

•• وحتى نتمكن من اقتلاع أي مظهر من مظاهر الفساد من جذوره.. فإن علينا إعادة بناء القاعدة من الأساس.. وذلك يحتاج إلى تبني منهجية جديدة.. تشارك فيها كل فئات المجتمع وتسهم فيها عقول البلد وخبراته.. لتغيير نظام التربية والتعليم.. وبدء عملية التأسيس من جديد.. لفكر جديد..

•• صحيح أن العملية ضخمة وكبيرة، وأن الوصول في النهاية إلى منتج جديد ونظيف قد يتطلب (50) سنة قادمة.. لكن الأكثر صحة هو.. أنه لا بد أن نبدأ من الآن للوصول إلى النتيجة المرجوة.. بدل استمرار الشكوى.. والصراخ والتذمر فقط.. بل وبدل التستر على الفساد.. أو المشاركة في تنميته لتفادي تعطيل مصالحنا الخاصة..

•• ذلك أن الإصلاح في أي صورة لا يتحقق ولا يمكن أن يتحقق إذا لم يشارك الجميع فيه.. وإذا لم يحاكم كل منا ضميره ويحاسب نفسه بدلا من أن يحاسب غيره.. ويرصد تصرفاته الصغيرة والكبيرة.. ويتوقف هو عن كل الأعمال التي تشارك في تغذية شجرة الفساد في النهاية.. لأن من المخجل والمعيب أن نتهم الناس بالفساد ونحن من يغذونه..؟

•• ولا يعني كل ذلك أن نسكت عن الفساد أو أن نقبله أو أن نمنح من يمارسونه أكاليل من الحب والمودة.. والتزكية.. والدعم.. لا.. وإنما يجب علينا أن نعمل على استئصاله بكل طريقة ووسيلة.. ولكن بمشاركة الجميع، وبالبدء الفعلي في تطهير البلاد منه بالطرق العلمية الصحيحة.. وبتقويم السلوك العام.. وبالعودة أولا وأخيرا إلى الله ــ سبحانه وتعالى.. وتنقية ضمائرنا.. ونفوسنا.. وعقولنا.. وإبراء ذمتنا.


***


ضمير مستتر:


•• الأخطاء الكبيرة تعالج من الجذور.. وبإرادة الجميع ومشاركتهم الجادة في اقتلاعها.

دكتور هاشم عبده هاشم

اخوى الفارس
يعطيك العااااااافيه