ها قد أتاك الصيف يختال ضاحكًا، إذا كنت من أصحاب الاستثمارات الفندقية والسكنية. أما وأنت المستهلك الراغب في شيء من السياحة الداخلية، فحتمًا سيأتيك الصيف يختال عابسًا؛ لأن فواتير استئجار غرفة في فندق، أو شقة مستأجرة سيكون مكلفًا ومرهقًا.
وهذه الأسعار (شابّة) طوال العام. والسبب قلة المعروض، وكثرة الطلب؛ لأننا تلكأنا -كالمعتاد- في تشجيع بناء مزيد من الفنادق، ووحدات الإيواء، فالشروط قاسية ومن أهمها المواقع، والمواقع ذهبت ضحية التخطيط الملخبط، أو اللاتخطيط المبرجل!
وكنت إلى سنوات قليلة مضت أستأجر في المدينة المنورة قرب المسجد النبوي الشريف خلال الأيام الثلاثة من 8 إلى 11 ذي الحجة بأسعار لا تتجاوز (400) ريال للغرفة الواحدة. أمّا اليوم فهي لا تقل عن (1200) ريال للغرفة نفسها. ومع التوسعة الجديدة، وإزالة عدد من الفنادق ووحدات الإيواء سيرتفع السعر إلى 1500 أو 1600 ريال. إنها مواسم الاستغلال طوال العام.
ذلكم مثل واحد لما يعانيه المواطن الراغب في السياحة الداخلية صيفًا وشتاءً، وكذلك رجل الأعمال، أو صاحب الحاجة المضطر إلى السفر إلى الرياض أو جدة. غول الأسعار بات يكبر عامًا بعد عام، فأي مستقبل للسياحة الداخلية، إذا كان ذلك شأن العنصر الأهم في أي سياحة داخلية؟ إضافة بالطبع إلى عنصر حجوزات الطيران التي هي أقرب إلى الكابوس الشديد.
خذوا الطائف مثلاً آخر! هذه المدينة التي تعتز بموقعها الجغرافي المتوسط، وجوّها المعتدل المنعش، لكنها في الوقت نفسه تخجل من تواضع إمكاناتها ومرافقها الفندقية. ولقد عاشت هذه المدينة -غير المحظوظة- أكثر من ثلاثة عقود والبناء محظور في (هداها)، وأحسبه لا يزال! والسبب في ظني غير واقعي ولا مقبول.
وفي المقابل لا أعلم ما هي الأدوار التي تمارسها الهيئة العامة للسياحة والآثار لتحسين فرص السياحة الداخلية، مع يقيني بأن كثيرًا من الجهود ترتطم بواقع (كل يغني على ليلاه). فلا ليلى نعمت بسياحة داخلية، ولا هي تستطيع السفر إلى بلاد الله الواسعة التي فيها من الخيارات ما يؤهلها لتكون فعلاً (ديار سياحة).
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
صيف يختال ضاحكاً او عابساً
العرض المتطور
