الإعجاز صناعة والمصاعب مهما تطاول بنيانها قابلة بإرادة الرجال على التداعي والتلاشي والذوبان.
فليس أشد جلاءً من حالة الهلال الأحمر السعودي.. تلك الهيئة التي مضى على إنشائها 81 عاما وظلت متقاصرة عن بلوغ المأمول رغم جهد السنين.
حال الهيئة استمر كسيحا مثقلا بالمشكلات فالمراكز الإسعافية في غالبها مستأجرة وقلة أعداد المسعفين تعجز عن مواجهة حجم الطلب والدعم المالي لا يتناسب مع حجم الحاجة لتغيير البنية التحتية وما واكبها من ارتفاع في أسعار الأراضي والحاجات المتصاعدة للتقنيات المتعلقة بالمجال، والمستلزمات التشغيلية والاستهلاكية.
كل تلك المعوقات جعلتني غير متفائل بأن احداً قادر على علاج ذلك الركام العصي ومع ذلك آثرت المراقبة بصمت بعد تعيين الأمير فيصل بن عبدالله رئيسا لهيئة الهلال الأحمر فكنت ادرك حجم التحدي الضخم وصعوبة إحداث التطوير المأمول!!
ما لفت النظر أن الأمير فيصل وهو ابن الملك، لم يأخذ الأمر تكليفاً روتينياً بل تحمل المسؤولية بشجاعة وجسارة، وخاض تحدي النجاح برغم ركام المعضلات، وسابق عنصر الزمن لإحداث تغيير شامل في هوية الهلال الأحمر وخدماته الإسعافية والإغاثية.
فأطلق سموه استراتيجية 2022 تضم مشروع الإسعاف الجوي الذي يستهدف تأمين 28 طائرة هلكوبتر وصل منها 11 طائرة وزعت على مختلف مناطق المملكة واهتم بتدريب القوى البشرية من فنيين ومهندسين.
واستمر الجهد متدفق العطاء فشرع بتنفيذ تحويل مراكز الإسعاف إلى محطات ميدانية تم الإعلان عنها قبل ايام، فكانت فكرة مميزة تسهم في سهولة تحريك الفرق الإسعافية، فيتحقق زمن استجابة سريع ويترشّد حجم نفقات التشغيل المالية والإدارية التي تكلفها كل مركز إسعافي.
ولأن العمل الإغاثي ركن أساس في عمل الهلال الأحمر، قام الأمير فيصل بتأسيس الفريق السعودي للعون والاستجابة الإنسانية (قلب السعودية)، وذلك للتعامل مع مختلف الظروف الطارئة للكوارث والأزمات، لتكتمل بذلك الصورة الزاهية لعمل ضخم.. ظللنا نراقب خطواته التي تسارعت، بفضل إرادة صلبة ورؤية عميقة لتجاوز الصعاب.
شكراً سمو الأمير على ما قدمت وأثبت بجدارة أنك الأمير الاستثنائي في العمل الميداني وشكراً للقيادة على اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.
بقلم ياسر بن علي المحارب
صحيفة الرياض