(١٩٫١) بليون متر مكعب من المياه استهلكتها المملكة خلال عام و٨٣٪ منها للزراعة، هذا ما قالته وزارة الكهرباء والمياه وهذا الكلام ليس جديداً إلاّ إذا اعتبرناه تبرئة للنفس من مسؤوليات قادمة ولا ندري هل من يعطى التراخيص للحفر، ومضاعفات زراعة الأعلاف والزيتون السلعة الترفيّة والنخيل والدواجن، وزارة الحج أم الخارجية، إذا كان التنسيق بين هذه الوزارة والزراعة بلا عنوان ولا معنى، والكل يجمع على الهدر غير المنطقي ولكن اتخاذ القرار ليس بيد غير مسؤول أمام القيادة العليا، وقد كتب وقيل وأرسلت الإنذارات من خبراء وطنيين أننا نركض خلف كارثة هائلة حتى ان خبيراً بإحدى الوزارتين فضل الاستقالة من عمله على أن يتلقى اللوم لأنه تجرأ على قول الحقيقة، والجديد فقط في القضية أن العلاج سيتأخر وتحل الكارثة الحقيقية..
كتب مختصون في المياه بالأرقام والخرائط ان المياه التي تذهب إلى البحر أو التبخر من بعض السدود غير العملية، لو قدر أن استفدنا منها في محاجر، وسدود عملية تكفي احتياجاتنا من الشرب والزراعة، وأن معالجة مياه الصرف الصحي وفق القواعد المعمول بها عالمياً تستطيع أن تسد نقص الزراعة وصرف الحمامات وسقيا الحدائق، والطامة الكبرى أننا نزرع ما نحتاج من خضروات وفواكه، ولكنها تعبر حدودنا إلى دول أخرى بما فيها الأعلاف، وإن ما تحدث عنه البعض باستثمارات زراعية خارجية تقف عندها عوائق إدارية وبيئية واحتكار شركات دولية سبقتنا لتلك الدول، ولا تريد التنازل عن حصصها..
في إسرائيل لا يحفر بئر سطحي أو عميق إلاّ بموافقة الكنيست، وهي المتقدمة علمياً في بحوث المياه والزراعة، ونحن نسكت عن شركات تهدر المياه بسبب زراعة الورد ليباع في مركز إنتاج الورود في هولندا، والطريق متعرج بين الزراعة والمياه، لأن طرفي المسؤولية لا يريدان الاعتراف بالحقيقة والتعامل معها باستراتيجية واحدة..
سبق للكويت محاولة شراء المياه من العراق وهذا مقيد باتفاقات دولية ونوازع سياسية قابلة لقطعها لأي خلاف بين البلدين، ونشر خبر بشراء مياه من السودان وحقنها في أراضينا وهذا أيضاً تعيقه مشاكل عديدة، والتحلية مكلفة ومع ذلك فاستهلاك المواطن حسب تقديرات إحصائيات من عدة مصادر لا تتجاوز العشرين في المائة من هدر ال «٨٣٪» لصالح الزراعة..
هناك إسراف يقوده المواطن والعمالة المختلفة وبعض المصانع والورش، لكنه لا يوازي الهدر الزراعي وبالتالي لماذا الإصرار على أننا بلد إنتاج لمختلف المحاصيل وغيرها ونحن نعرف أن مخزوننا لا يسترجع ولا يعوض، وكلتا الوزارتين المعنيتين بهذا الأمر على علم ولديهما التقارير والبحوث والإحصاءات ومع ذلك لا توجد خطة عمل سريعة تقودانها بشكل عملي لأن البيروقراطية المتفشية بجهازيهما تمنع التحرك المباشر، وندرك أن مثل هذا الكلام يوقظ شعور الاحتجاج والعداء المسبق لما يعملانه، وهذا ليس صحيحاً لأن كل مرفق أو جهاز بالدولة يواجه نفس النقد طالما الدولة بكل شخصيتها المعنوية والرسمية هي من يعمل على الإصلاح وبتر الخطأ، ولعلنا وكما كررنا في العديد من الآراء لسنا بحال خصومة مع أي مسؤول وإنما مع مصلحتنا الوطنية أولاً، وأخيراً..
يوسف الكويليت
ج الرياض