لفت انتباهي أحد طلبة العلم إلى أن الستر في الإسلام الذي طبق بطريقة كريمة جعل المؤرخين والمحدثين عندما يذكرون قصة «ماعز» الذي كرر اعترافه بالزنا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة مرات وهو يحاول ثنيه عن الاعتراف بقوله: لعلك قبلتها.. إلى آخره، أنه لم يتم ذكر القبيلة أو الأسرة التي ينتسب إليها ماعز وأنه لم يتم سؤاله عن المرأة التي زنى بها لأن هدف الستر في الإسلام هدف واضح ونبيل، وهو لا يتعارض مع تطبيق العقوبات الشرعية بل يدعمها، ولكن مع عدم انعكاس تلك العقوبة على عشيرة المعاقب من أسرة وأهل وقبيلة.
وسمعت رجال مجتمع يتحدثون عن أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تلك الأساليب كانت تميل إلى الستر والتسامح عن الزلات الصغيرة والنزوات العابرة وإعطاء مساحة للتوبة واتخاذ كل ما من شأنه عدم تلطيخ سمعة أسرة الغاوي لأن السمعة السيئة تظل تلاحقه حتى لو تاب وأناب، أما إن كانت غاوية فإنها العار الذي يلحق بها يمتد إلى أسرتها من أخوات وإلى بنات العم والخال وبنات الأخ والأخت لاسيما أن المجتمع يقسو على البنات قسوة لا ترحم وقد يتساهل مع الذكور قليلاً أو كثيراً فقط لأنهم ذكور!
والمقصود بهذه الكلمات ليس ترك المنكر يستشري في المجتمع خاصة أن له بوادر ومؤشرات لا تخفى على كل ذي لب فنحن على أية حال في آخر الزمان والشرور قادمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولكن المراد والمقصود أن يعالج رجال الحسبة مثل هذه الأمور بالحكمة والموعظة الحسنة والاسترشاد بما جاء في الهدي النبوي من أساليب حكيمة بليغة لأن ما يسمى الآن بالستر ليس كذلك؛ فالمرأة يقيد اسمها في الدفاتر وتسلم لذويها فتفضح بين أبنائها وعند بعلها وإخوتها والأقارب وربما الجيران! فإن كان لها أخوات انصرف العرسان عن أخواتها وإن كان لهم بنات حلت عليهم «لعنتها» حتى الموت!
محمد احمد الحساني
عكاظ