أدرجت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) قائمة جديدة بأنواع الفساد الإداري للعاملين في الوزارات والجهات الحكومية، منها: ثرثرة الموظفين أثناء الدوام، وقراءتهم للصحف، واستخدام سيارات العمل لقضاء الحوائج الشخصية، وتأثيث المكاتب الفاخرة، وإقامة الحفلات الدعائية، ونشر التهاني والتعازي لتلميـع المسؤولين، وقد توعدت بتنفيذ العقوبات ضد كل من يثبت تورطه بهذا النوع من الفساد، وشددت على أنها سترصد تلك التجاوزات عبر جولاتها بكافة القطاعات الحكومية، منوهة ــ في الوقت ذاته ــ بأنه أصبح بإمكان الموظف التقدم إليها للتبليـغ عن زملائه المخالفين للإيقاع بهم!!.
الصحيح أن التكييف النظامي لأي من هذه الأفعال لا يمكنه أن يرتقي لدرجة (الفساد)، فليس من العدالة أبدا أن يتساوى في الوصف ـــ وإن اختلفت العقوبة المقدرة ـــ من يرتكب جرائم الرشوة والتزوير واستغلال السلطة مع من ينشغل عن أداء مهامه في حديث جانبي ليبث همومه أو يروح عن نفسه قليلا، كان الأحرى هنا حث الجهات المعنية على تكثيف جهودها تجاه منسوبيها؛ للحد من مثل هذه الظواهر متى زادت عن المعقول، والعمل على تخفيض ميزانيات حفلات البهرجة الفاضية والسلف الإداريـة المخصصة للتجهـيزات المكتبية المبالغ فيها، واشتراط وضع شعار الجهة على السيارة بدلا من أن تظهـر في زحمة المركبات وكأنها سيارته الخاصة!؟
الفاسد المخضرم ــ من جهته ــ قد ينتهـزها فرصة ليزيح من طريقه ذلك الموظف (النشبة) إللي مسوي فيها أمين وواقف له على كل إجراء، بلاغ واحد وجريدة تنحط قدامه وكم صورة بالجوال أو شاهدين وصوليين ويلبسه تهمة من تهم الفساد الحديثة، ليعود بعد قضاء محكوميته والتشهـير به صاحب سوابق (وآخر واحد يتكلم عن الأمانة) إلا ما عاد يفتح فمه ولا بكلمة حتى لا يعتبروها ثرثرة ويشهدوا عليه ويلبسوه تهمة جديدة!!.
حين تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورة لمدير جامعة إحدى الجامعات وهو يشارك الطلاب بوفـيه كلية الطب لعبة (البلوت) بـرر مصدر مسؤول بالجامعة هذا التصرف تبريرا جميلا توقفت عنده، حيث قال «إنه من قبيل منح الطلاب أجواء إيجابية في التعليم ومشاركتهم أنشطتهم وهواياتهم دون تكلف»، وأنا هنا لا أطالب بأن تكون (الورقة) في جيب كل موظف ومتى ما حب طلعها و(دق التربيعة)، ولكني أقول إن الموظف بحاجة لجو عمل تسوده روح الأخوة والمحبة وروح الفريق الواحد بعيدا عن التصيد والشكاوى التافهة.
احمد عجب الزهراني
عكاظ