في رحاب آية
(وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا), سورة الأحزاب آية47]
نقول في الدعاء: اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل, لأن العدل أن تأخذ الجزاء المساوي للعمل, أو تأخذ حقك, أما الفضل فأن تأخذ فوق حقك وزيادة,
ومن ذلك قوله تعالي:{ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا}, يونس:58].
ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يارسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته لأنني حين أحسب عملي مقابل ما أعطاني ربي من نعم قبل أن أخلق, وإلي أن أبلغ وأكلف, أجد أنني لو قضيت حياتي كلها في طاعة ربي ماوفيت بحقه علي.
ثم من ناحية أخري تجد أن العبادة والطاعة نفعها يعود إليك أنت, ولا ينتفع الله تعالي منها بشئ, فإذا كانت الطاعة والعبادة يعود نفعها إليك, إذن: فالثواب عليها يكون فضلا من الله. ومثلنا لذلك, ولله المثل الأعلي, بولدك تشجعه علي المذاكرة, وتحضر له أدواته, وتنفق عليه طوال العام, فإذا مانجح آخر العام أعطيته هدية أو مكافأة, فهذه الهدية من باب الفضل. لذلك, إن أردت أن تصلح بين متخاصمين, أو تؤلف بينهما فقل لهم: أتحبون أن أحكم بينكم بالعدل أم بالفضل؟ سيقولون لك:ليس هناك أفضل من العدل, وعندها لك أن تقول: بل الفضل أحسن من العدل, لأن العدل أن تأخذ حقك من خصمك, والفضل أن تترك حقك لخصمك لتأخذه من يد ربك عز وجل. فمن أراد أن يغفر الله له ذنوبه فليغفر لأخيه زلته وسوأته.