دول مجلس التعاون الخليجي، تتقدم خطوة، وتتراجع عدة خطوات في موضوعات التنسيق الأمني. وحتى نكون على مستوى الكفاءة، والتحرر من عقدة الإمارة، والقطر، وتباين تعداد السكان والأنظمة، والتشكيك بالنوايا، حتى ولو كانت حسنة، فإن الضرورات تقتضي أن نفهم، وبجدية تامة، هل نحن في سفينة واحدة قابلة للغرق والنجاة تجاه ما يجري على حدودنا، ونكون شجعاناً باتخاذ القرارات المصيرية التي تراعي أننا دون مستوى التأهيل العسكري مع الجيران، وأن نعيد قراءة ما جرى من حروب بين العراق وإيران، وما يجري الآن من تدهور أمني قد يفجر حرباً خطيرة بين أمريكا، وإسرائيل من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، ستكون آثارها مدمرة على الجميع؟
اجتماع رؤساء أركان هذه الدول تكرر، لكن النتائج غير مقنعة، إذ لم يأت على أولويات الخطط الاستراتيجية البدء في مشروع التصنيع العسكري، ومحاولة الاعتماد على الذات لسد احتياجاتنا من قطع الغيار والذخيرة، والأسلحة الخفيفة وشبه الثقيلة لتكون بدايات لركيزة صناعية متقدمة، طالما توفر المال بشكل كبير، ووجود العقول والطاقات البشرية، وإمكانات استيراد الخبرات والتقنيات اللامحدودة، ثم تفعيل الاتفاقات التي بقيت خارج اهتمام من يدركون حساسية الأمن وخطورته..
موقع الخليج وجغرافيته، وأهميته الاستراتيجية للعالم، باتت أوراق مساومة بين دول إقليمية وخارجية، لأن ثروات الخليج النفطية ومداخيله، وحيويته كممر رابط بين القارات جعلته من الجغرافيات الحرجة والخطيرة، وحتى التواجد الأجنبي التاريخي لبريطانيا ثم أمريكا، ورغبة الاتحاد السوفياتي في الوصول إليه، قادا تلك الدول إلى جعل مصالحها هي الأهم، ونحن اليوم نقف على أرض رخوة، إذ ليس لنا أي مصلحة في نزاع القوى التي تهدد أمننا، ولذلك فالضرورات تفرض على هذه الدول الأعضاء في مجلس واحد، أن تتكاشف بشكل أكثر وضوحاً حول مستقبل أمنها العسكري والسياسي، وأن لا تقف مشدودة إلى حبال تجذبها قوى إقليمية ودولية، وتضعها رهينة المفاجآت واتخاذ القرارات الصعبة..
السؤال المقلق، لماذا عدم الاكتراث بإنشاء قوة خليجية مشتركة رغم وفرة الإمكانات، وهل نسينا كيف اجتاح صدام الكويت، وهدد شاه إيران بغزو البحرين وتكرر هذا الكلام على لسان مسؤول إيراني قبل عدة أسابيع، وأيضاً موضوع الجزر المتنازع عليها بين الإمارات وإيران؟
الموضوع لا يصل إلى حد التهويل، ولكن إلى الحذر وهنا يجب رفع مستوى المخاطر إلى ما يوازيها من دورة الأحداث الراهنة، وحتى الدول شبه البعيدة عنا التي يفصلها بحر العرب والمحيط الهندي، تبقى في صلب اللعبة حول أمن الخليج، خاصة دول القارة الهندية التي يتواجد في الخليج أقليات من مواطنيها اكتسبت حق المواطنة لبعضها، والأخرى لا تزال تسير على نفس الطريق، وبهذه الإنذارات علينا أن ندرك مسؤوليتنا قبل أن تغيب الشمس عنا..
بقلم / يوسف الكويليت