الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان خاص بالمواضيع الاسلامية و الفتاوى الشرعية و الاحاديث النبوية الشريفة و كل ما يخص المسلم في امور دينه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-01-08, 12:05 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
سيدة المنتديات العربية
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية مسلمة

 

البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 653
المشاركات: 8,007 [+]
بمعدل : 1.19 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 1031
نقاط التقييم: 76
مسلمة will become famous soon enough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
مسلمة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان
افتراضي عام مضى ......... وعام قادم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله مدبر الشهور والأعوام ، ومصرف الليالي والأيام ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للأنام ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأعلام ، أما بعد:

شجن من شجون همسات مشفقة ، وكلمات ناصحة ، أهاتف بها قلبك الطيب نصح المحب و محبة الناصح وكلى أمل أن في إيمانك ونقاء أعــماقك ، ما يطمع فيك كل من يريد الخير لك......
كلمات أخاطب بها من يهمه موازين الربح والخسارة ، فإن لم تكن ذلك فلست إذاً مخاطباً ولا معنياً بهذه الكلمات ، وإن كنت ايضاً ممن أمن مكر الله تعالى أو ضمن مكانه في الجنة
أو ظن أنه مخلد في هذه الحياة الدنيا ، فأنت غير مخاطب ولا معني بهذا الكلام.

فإن لم تكن من أولئك فأنت صاحبي الذي أبحث عنه ومن أجله وضعت هذه الكلمات.
هكذا في لمح البصر يُطوى تاريخ طويل عشنا فيه آلاماً وآمالاً , وطالما كانت لنا فيه ذكريات وطموحات , وطالما جئنا فيه وذهبنا وعملنا وتركنا ، وأخذنا وأعطينا ، واستقبلنا وودعنا.
إننا نقف الآن على مفترق الطرق ننظر هنا فنرى عاماً كاملاً قد شد رحاله وطوى صـــفحته رحــــيلاً لا عودة بعده. وننظر هناك فنرى عاماً جديداً جاء محملاً بحوادثه ووقائعه محجوباً بحجاب الغيب مستوراً بستار القدر ما يلبث أن ينكشف شيئاً فشيئاً.
سؤال يطرح نفسه لماذا يوم الدين؟ لماذا الوقوف بين يدي مالك يوم الدين؟ لماذا تنشر الدواوين؟ لماذا نصبت الموازين؟ لماذا تنطق الجوارح يوم الدين؟ كل ذلك للسؤال عن هذه اللحظات والساعات والأيام والسنين.

مضى عام من سفرنا إلى الدار الآخرة ، ودعنا عاماً ماضياً شهيداً ، واستقبلنا عاماً جديداً ، فليت شعري ماذا أودعنا في عامنا الماضي؟ وماذا كتب علينا فيه؟ وبماذا نستقبل العام الجديد؟. أربعة وخمسون وثلاثمائة يوماً مضت لا ندري أحسناتها غلبت أم سيئاتها رجحت ، لا نعلم أهي حجة لنا أم علينا , طويت صحيفة عام كامل , فهي محفوظة نلقاها يوم الوقوف والعرض بين يدي الله قال تعالى: (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا  اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ).

ها نحن نشهد مصرع هذا العام! وكما شاهدنا وداعه سيشهد عام ما وداعنا وفراقنا ، وسنجد أنفسنا يوما من الأيام ونحن نقف في المحطة الأخيرة من رحلة هذه الحياة.

ستسلمك الساعات في بعض مرها إلى ساعة لا ساعة لك بعدها

هذا السير الحثيت يباعد عن الدنيا ويقرب إلى الآخرة ، يباعد من دار العمل ويقرب من دار الجزاء ، قال علي – رضي الله عنه -: ( ارتحلت الدنيا مدبرة ، وارتحلت الآخرة مقبلة ، ولكل منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا. فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ). [ رواه البخاري].

إن كل غائب قد يعود , وكل مفقود قد يسترد , وكل ذاهب قد يسترجع إلا العمر المنصرم , والزمن المنقضي والوقت الذاهب! إنه ماض لا حيلة لإرجاعه , ولكن نحمد الله الذي يسر محو ذنوبه وسيئاته بالتوبة والاستغفار.

أما عامك الجديد فإنك تملكه إن كتب الله لك فيه أجلاً فابدأ هذا العام بهمة عالية , وعزيمة وقادة ، مقدماً حقوق الله أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر.


قف وتأمل وتذكر والذكرى تنفع المؤمنين , نهاية عام منصرم كان أحدنا ينظر إلى نهايتة نظرالبعيد! فهاهو قد قرب البعيد , وانتهى العام المنصرم , فما أقرب الممات من الحياة , وكل ماهو آتٍ آت.

إنا لنفرح بالأيام نقطعــــــــــــــها وكل يوم مضى يدني من الأجل
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداًَ فإنما الربح والخسران في العـمل

كان من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - تذكير أصحابه نهاية الدنيا قال ابن عمر - رضي الله عنهما- خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشمس على أطراف السعف فقال: ( ما بقي من الدنيا إلا كما بقي من يومنا فيما مضى فيه ). [ رواه ابن أبي الدنيا وحسنه العراقي والترمذي].
إن الشمس التي تطلع كل يوم من مشرقها , وتغرب في مغربها تحمل أعظم العبر!! فطلوعها ثم غيابها إيذاناً بأن هذه الدنيا ليست دار قرار , ثم أنظر إلى هذه الأهلة تهل صغيرة كما يولد الأطفال , ثم تنمو رويداً رويداً كما تنمو الأجسام , حتى إذا تكامل نموها أخذت في النقص والاضمحلال ، وهكذا عمر الإنسان , قال تعالى: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ).

إن الزمان وتقلباته أنصح المؤدبين , وإن الدهر بقوارعه أفصح المتكلمين , فتنبهوا بإيقاظه واعتبروا بألفاظه.

يا راقد الليل مسروراً بأولــه إن الحوادث قد يطرقن أسحارا

سبحان من يرث الأرض ومن عليها , كم من نفس قبل هذا العام قد انتهت , وكم من نفس خلاله بالمنية قد فوجئت, فأرواحهم إلى السماء علت, أو إلى أسفل سافلين هبطت! فكأن العمر الذي مضى والوقت الذي انقضى لحظات يسيرة وأيام معدودة , بينما هي في عمر الزمن آلاف الأيام وعشرات السنين.

نسير إلى الآجال في كل لحظــة وأيامنا تطوى وهن مراحــــــل
ولم أر مثل الموت حقا كأنـــــــه إذا ما تخطته الأماني باطــــــل
وما أقبح التفريط في زمن الصبا فكيف به والشيب للرأس شامل
ترحل من الدنيا بزاد من التقـــى فعمرك أيام وهن قــــــــــــلائل

الدنيا عمرها قصير وعيشها في غير طاعة الله حقير, وهي إلى الخراب بعد الدمار تسير

أحلام نوم أو كظل زائل إن اللبيب بمثلها لايخدع

تلكم هي الدنيا التي شُغل بها كثير من الناس ، والتي تدل أفعالهم وأحوالهم أنها عندهم هي الغاية , وإن ادّعوا أنها ليست كذلك! غرّهم سرابها وبريقها , فراحوا يتهافتون على طلبها , ويتنافسون في اكتنازها ورضوا منها بالإقامة والتمتع بشهواتها وملذاتها , وتركوا الاستعداد ليوم الرحيل والعمل لدار القرار, ونسوا أنها في حقيقتها ما هي إلا معبر إلى دار الآخرة , وميدان يتنافس فيه المتنافسون , ويتسابق فيه المتسابقون للفوز بدار النعيم المقيم. فتجارة الآخرة لن تبور ، والتهافت على الدنيا لا يغير المقدور.

أما آن أن ننتبه من هذا السبات , أما آن لنا أن ندع أحلام اليقظة وننظر إلى هذا الواقع , أما آن لنا أن نغذ السير إلى الآخرة قبل ساعات الهوان ، يا لله ما أغفلنا عن الآخرة , وما أكثر الران على القلوب!

قال تعالى: ( إنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

لا يهمنا عند الموت أن نموت فقراء أو أثرياء أو وجهاء , فعند الموت لا ينفع ذلك كله , فعندما توفى النفس أجلها لن يقال: الحمد لله مات ثري أو ذو جاه ، وإنما يحمد على ما قدم من الصالحات
قال تعالى: ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ  إلاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).

رحل هذا العام وانتهى وكأنه ما كان , وهكذا الدنيا! رحل مخلفاً ذكرى وموعظة في قلوب المؤمنين. إن هذه الدنيا ليست بدار قرار , إنما هي منازل فراحل ونازل , ( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ).

ولقد أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم- ابن عمر - رضي الله عنه- وصية أغلى من الدرر تصحح مفهوم المسلمين في هذه الحياة الدنيا يقول ابن عمر: أخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم- بمنكبي يوماً فقال: ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
فالغريب لا يشتغل بدار غربته فلا يخلد لما فيها ولا يركن إليها , فهي دار لمروره , ومحطة لعبوره
همه التزود للرجوع إلى وطنه. وعابر السبيل يتقلل من الأحمال ، ولقد ترجمها ابن عمر بأفعاله ، وهاهي مقولته تذكر كل غافل ، وتنبه كل ساه ، حيث قال: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح , وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء. وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك) [ رواه البخاري].

زال العام وزالت معه كل لذة , أما لذات أهل المعاصي والفجور من سهرات محرمه ,وتضييع للصلوات واعراض عن الله.فقد ذهبت تلك الاوقات بلذاتها وبقي إثمها بقيت حسرات المعاصي.
يا زلة كتبت في غفلة ذهبت يا حسرة بقيت في القلب تحرقني

أما أهل الطاعات: فقد ذهب التعب من صيام وصلاة وأعمال صالحة , وبقي الثواب والأجر العظـيم :
( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ). كم يمر من يوم وتذهب من أعوام وحال كثير من المسلمين لا ترضي الله ، يبدأون يومهم بمعصية الله ، ينامون عن الصلاة ، ويلهون عما أفترضه الله ، أيها المفرط عز نفسك قد أصبت بمصيبة في دينك والمصيبة أعظم إن لم تحس بالحرقة والأسى على ما فاتك من طاعة الله.

لا ننس أن علينا حفظة ملائكة كرام كاتبين يكتبون مثاقيل الذر , قال تعالى: ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ). وأن علينا شهود من الأرض التي نمشي عليها ونسكن فيها , هذه الأرض التي أخلدنا إليها واطمأننا فيها ووهبناها حبنا لا نسلم من شهادتها علينا , قال تعالى: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ).

وأننا مراقبون من أنفسنا التي أشبعنا رغباتها وأسلمناها زمامها تلهو بما تشاء وتفعل ما تشاء ، وهذه الجوارح التي ننقاد لهواها ونتبع رضاها , ونعطيها مبتغاها , تنطق علينا يوم القيامة بالفضائح وتخبربالقبائح , قال تعالى: ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ).

تدارك أوقاتك فالوقت هو الحياة ، وهو العمر الحقيقي للإنسان ، وحفظه أصل كل خير وضياعه منشأ كل شر ، وعلى العاقل أن يتدارك أوقاته ، وأن يعد أنفاسه ، وأن يكون حافظاً لوقته شحيحاً به ، فالعمر قليل والأجل قريب. وإنما يدرك العبد خطر الوقت والعمر إذا فقد هذه النعمة ، فعند ذلك يتمنى أن يرجع إلى الدنيا لا من أجل أن يجمع حطامها ويتمتع بشهواتها , بل من أجل أن يجتهد في طاعة الله عز وجل , وتتجدد له هذه الأمنية وهذا الطلب كلما عاين أمراً من أمور الآخرة قال تعالى : ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ).

قال ابن القيم: وقت الإنسان هو عمره وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم , وهو يمر مر السحاب , فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره وغير ذلك ليس محسوباً من حياته ... فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة فموت هذا خير من حياته.

في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل وتختمر جراثيم التلاشي والفناء. إذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى ، وإذا كانت دنيانا هذه غراساً لحياة أكبر تعقبها فإن الفارغين أحرى الناس أن يحشروا مفلسين لا حصاد لهم إلا البوار والخسران.

في نهاية كل عام لا بد من المحاسبة والمراجعة ، فالمؤمن يعلم أنه لم يخلق عبثاً ، ولن يترك هملاً , فمحاسبة النفس تجعل المسلم دائم الاستعداد ليوم الحساب يعد الزاد ويستكثر منه ليوم ( تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ).

فالحسرة كل الحسرة على من انقضى عمره وهو على تماديه وغفلاته قد أقام , ووافاه أجله وهو مكب على المعاصي والآثام , ويا بشرى لمن قام على الدين واستقام ! فشتان ما بين متعرج في الطريق أو سالك له على انتظام: ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ).

قال ابن القيم : ( قد دل على وجوب محاسبة النفس ) قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).
لينظر أحدكم ما قدم ليوم القيامة من الأعمال أمن الصالحات التي تنجيه , أم من السيئات التي توبقه؟ قال قتاده: ( ما زال ربكم يقرب الساعة حتى جعلها كغد).
إنه من علامة توفيق العبد أنه إذا زاد عمره زاد اجتهاده , وإذا زاد جاهه زاد تواضعه , وإذا زاد ماله زاد سخاؤه ، وعدم التوفيق بعكس ذلك.
حسب بعض السلف عمره فوجده ستين عاماً , ثم حسب أيام الستين فوجدها تعادل آلافاً, فقال : لو أني كل يوم أذنبت ذنباً كيف ألقى الله بهذه الذنوب , فكيف في كل يوم عشرات الذنوب وسقط مغشياً عليه.

يؤتى يوم القيامة بأطول الناس أعماراً في الدنيا من المترفين التاركين لطاعة الله المرتكبين للمعاصي, فيصبغ أحدهم في النار صبغة , ثم يقال له: ( هل رأيت في الدنيا خيراً قط ؟ هل مر بك نعيماً قط ؟ فيقول: لا يارب! ) , نسي كل نعيم الدنيا عند أول مس من العذاب.
إنهم أولئك الذين أعطوا أعماراً فضيعوها في اللهو والغفلة , وأعطوا أموالاً فبذروها في الشهوات المحرمة , صرفوا عقولهم وطاقاتهم واهتماماتهم في شهوات بطونهم وفروجهم , وتركوا فرائض ربهم , ونسوا آخرتهم حتى جاءهم الموت فخرجوا من الدنيا مذمومين مفلسين , فندموا حــيث لا ينفع الندم , قال تعالى : ( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ ).

تهنئه جافة إنها وقفة وليست وقفة المبتسمين , ليست وقفة الضاحكين يهنئ بعضنا بعضا ( كل عام وأنتم بخير!) ، أي خير إذا زادت الأعوام ونقص الإيمان كيف يفرح من يومه يهدم شهره ,وشهره يهدم سنته ، وسنته تهدم عمره ، والله لا خير في السنين والأعوام إذا لم تهتد القلوب إلى علام الغيوب , السعيد والله من أطاع الله وانقضى عامه وعمره في طاعة الله ، فلا خير في الحياة إذا لم تكن في طاعة الله ، قال الرسول - صلى الله علية وسلم - : ( خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله) [ حديث صحيح].

يا من تمر عليه سنة بعد سنة وهو مستثقل في نوم الغفلة والسنة. يا من يأتي عليه عام بعد عام وهو غارق في بحر الخطايا.

يا من يشاهد الآيات والعبر كلما توالت عليه الأيام والشهور ، ولا ينتفع بما يسمع من الآيات والسور ولا بما يرى من عظائم الأمور. فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور , ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور ، فالعاقل من اتعظ بأمسه ، واجتهد في يومه ، واستعد لغده.

وإن سلفنا الصالح كانوا يكرهون الموت لا جزعاً منه وإنما تحسراً على انقطاع العمل وإذا جاءهم الموت فرحوا به محبة للقاء الله .

إن لله عبادا فطــــــــــــنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتــنا
نظروا فيها فلما علمــــوا أنها ليست لحي وطــــــــنا
جعلوها لجة واتخــــــذوا صالح الأعمال فيها ســفـنا

وأما حالنا فينبئ عن كراهيتنا للموت من أجل متع الدنيا الزائلة ، نؤمل في الأموال الكثيرة والجاه الرفيع وكأننا مخلدون في الدنيا ، قال تعالى: ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ  ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ  مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ).

قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة ، فقال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ , فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون , فقال الفضيل: أتعرف تفسيرها تقول : أنا لله عبد وإليه راجع , فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه مسؤول , فليعد للسؤال جواباً , فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة , قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي.
وفي هذا يقول بعضهم:

وإن امرأ قد سار ستين حجة إلى منهل من ورده لقريب

ولقد كان السلف يستحيون أن يكون يومهم مثل أمسهم ويعدون ذلك من الخسارة , قال ابن مســــــعود - رضي الله عنه- : ( اليوم الذي لم أزدد فيه علماً يقربني إلى الله لا بورك لي في طلوع شمسه).

وقال الحسن البصري : ( يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب منك يوم ذهب بعضك).

وقال أبو حازم: ( عجباً لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة ويدعون أن يعملوا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة).

وما هذه الأيام إلا مراحـــــــــل يحث بها داع إلى الموت قاصد
وأعجب شئ لو تأملــــــت أنها منازل تطوى والمســــافر قاعد

وقال ابن مسعود: ( ما ندمت يوماً مثل ما ندمت على يوم غربت شمسه نقص فيه عمري ولم يزد فيه عملي ).
ومن وصايا المسيح - عليه السلام-: ( اعبروها ولا تعمروها ).

ولم تخلق لتعمرها ولكن لتعبرها فجد لما خلقت


في مطلع كل عام هجري يتذكر المسلمون حادثة الهجرة ، يتذكرونها فيتذكرون مواقف أسلافهم وبذلهم وتضحياتهم بكل شى في سبيل دينهم ، والصبرعلى فراق كل غالى ، وتحمل كل مشقه في نصرة الاسلام ، وكذلك يتذكرون مواقف ومؤامرات أعدائهم ، يتذكرون أن الحق لا يلتقي مع الباطل وأن الكفر لا يتصادق مع الإسلام. وإن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبرها صناعة الأمل في موعود الله ، الأمل في نصر الله ، الأمل في مستقبل مشرق للا إله إلا الله ، الأمل في الفرج بعد الشدة والعزة بعد الذلة والنصر بعد الهزيمة. فالهجرة النبوية فرّقت بين الحق والباطل ، حولت ضعف المسلمين قوة ، وعجزهم إلى مقدرة ، وقلتهم إلى كثرة ، وذلتهم إلى عزة. وإذا كانت الهجرة مضت بأهلها فنحن محتاجون إلى معاني الهجرة ؛ إلى هجر الخطايا والذنوب في أعمالنا وأخلاقنا هـجر ما يخالف الإسلام في حياتنا.
وإن حدثاً يؤرخ به للأمة لحدث عظيم في تاريخها ونقطة تحول في حياتها ، فالتاريخ الهجري من شعائر أهل الإسلام فهو تقويم رباني لا يمكن أن تستقيم عبادات الأمة بدونه.
وإن اِعتماد التاريخ الهجري والعمل به التزام من هذه الأمة بدينها وربط لأجيالها بتاريخها المجيد وإحياء لشعيرة التميز الذي ميزت به هذه الأمة ، وإن تهاون الأمة بتاريخها مظهر من مظاهر ضعفها وابتعادها عن دينها ، وهو نتاج طبيعي للهزيمة النفسية.

وفي الختام أوصيكم ونفسي بتقوى الله – عز وجل - ، وأن نحاسب أنفسنا قبل الحساب ، وأن نعمل صالحاً ما دمنا في فسحة الأمل ننعم بنعمتين عظيمتين مغبون فيهما كثير من الناس: ( الصحة والفراغ ).

اللهم اجعلنا من المعتبرين الذاكرين الشاكرين الموفقين لكل خير ، واختم لنا بخير.
واجعل اللهم خير أعمالنا خواتمها ، وخير أعمارنا أواخرها ، وخير أيامنا يوم لقائك , واجعلنا مع الذين أنعمت عليهم في جنتك وجوارك.
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ولا تجعلنا من الخاسرين الذين يؤثرون العاجل على الآجل والفاني على الباقي.
وصلى الله على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليماً كثيراً .
والحمد لله رب العالمين .


منقول


اختكم مسلمة















عرض البوم صور مسلمة   رد مع اقتباس
قديم 01-01-08, 12:29 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
النخبة
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية almansy

 

البيانات
التسجيل: Jun 2007
العضوية: 911
المشاركات: 2,108 [+]
بمعدل : 0.32 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 433
نقاط التقييم: 10
almansy is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
almansy غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : مسلمة المنتدى : منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان
افتراضي رد: عام مضى ......... وعام قادم

اللهم اغفر لي و لجميع المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات الأحياء منهم و الأموات

اللهم اغفر لنا في تقصيرنا و زللنا و اجعل عامنا الذي مضى عبرة لنا

و ارزقنا في عامنا هذا الخير و البركات و أكرمنا بالعفو و المغفرة

اللهم اجعل عامنا هذا عام نصر و تمكين لإخواننا المسلمين في كل مكان





بارك الله بك اختي الكريمه مسلمه

تقبلي خالص التقدير















عرض البوم صور almansy   رد مع اقتباس
قديم 01-01-08, 03:14 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
سيدة المنتديات العربية
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية مسلمة

 

البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 653
المشاركات: 8,007 [+]
بمعدل : 1.19 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 1031
نقاط التقييم: 76
مسلمة will become famous soon enough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
مسلمة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


كاتب الموضوع : مسلمة المنتدى : منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان
افتراضي رد: عام مضى ......... وعام قادم

مشكوووووووووووووووور اخي المنسي للرد















عرض البوم صور مسلمة   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL