اعتادت الخطوط السعودية، كما هي العادة في معظم خطوط السفر العالمية، أن تعرض على المسافرين شراء بعض الاحتياجات المادية كالعطور والاكسسوارات والألعاب وما شابهها، مما قد يصلح للاستعمال الشخصي على الطائرة أو يصلح لأن يكون هدايا تشترى في اللحظات الأخيرة، ممن لم تسنح له الفرصة بشراء هدية لمن يود. وأذكر أني قبل بضع سنوات قرأت رأياً لأحد الكتاب يقترح فيه على الخطوط السعودية أن تضيف إلى بضائعها المعروضة للبيع على ركابها بعضاً من الكتب فتكون بذلك رافداً في دعم القراءة عن طريق تسويق الكتب على متنها، كما قد تكون لها الريادة في هذا المجال.
فكرة بيع الكتب على ظهر الطائرة قد تبدو للوهلة الأولى غير جذابة متى تذكرنا انصراف الناس عن القراءة، واستبعاد أن يكون على ظهر الطائرة عدد كاف من الركاب الذين يستهويهم قضاء وقت الرحلة بين طيات الكتب، فالغالبية من الناس يفضلون تزجية وقتهم في صحبة النوم والأكل والتجول أو التلصص على بعضهم البعض، على أن يدفنوا عيونهم في صفحات كتاب.
إلا أنه مع ذلك، يمكننا القول إن عدم الإقبال على القراءة ليس كله مسألة فطرية، وإنما هو في جزء كبير منه أمر مرتبط بتكوين العادات، ولعل «السعودية» إن هي أخذت بهذا المقترح وشرعت في بيع الكتب ضمن ما تبيع من بضائع، تكون قد أسست لتكوين عادات جديدة عند ركابها، تدعم عندهم مصادقة الكتاب والاستمتاع برفقته أثناء الرحلة.
لكن اختيار الكتب ليس سهلاً أو متفقاً عليه كالعطور والاكسسوارات، فالكتاب لا يطلب حسب (ماركته) ولذلك ليس من السهولة التنبؤ بما يقبل عليه الركاب من قراءات، ومن هنا، فإن نجاح مشروع كهذا يتوقف في نسبة كبيرة منه على الاستعانة ببعض ذوي الخبرة عند انتقاء الكتب المعروضة للبيع، ممن يملكون الذكاء والبراعة في فهم طبيعة المسافرين وما يمكن أن يكون جاذباً لهم، بحيث تتم مراعاة التنوع في مضمون الكتب كالروايات والقصص القصيرة والشعر، إلى جانب كتب المعلومات، وكذلك مراعاة الاختلاف في نوعية الركاب، كأن تكون هناك كتب للأطفال تغطي جميع مراحل الطفولة من الروضة وإلى بداية المراهقة، وكتب أخرى للمراهقين في مرحلتي المتوسطة والثانوية، وأن تكون مواضيعها مما يجذب البنات والأولاد، وكتب باللغة العربية وأخرى بالإنجليزية وهكذا.
أما إن اقتصر بيع الكتب على كتب بعينها كما لو أنها موجهة لخدمة غرض معين، أو ذات مضمون خاص بالنخبة، فإن مشروع بيع الكتب لا يتوقع له النجاح.