مص العظم هي إشارة أن هذا الشخص مجحف وغير منصف.
وهناك نظرات عديدة غير منصفة البتة لما يحدث لشرائح مختلفة من المواطنين..
ولو نظرنا بعينين فسنرى العجب العجاب، لنقل وعلى الله الحسبان والاتكال:
ليهنأ أصحاب المدارس الخاصة، فالبلد منشغل بهموم كثيرة جعلت من يشكو من جبروتها وفرعنتها لا يسمع صراخه حتى وإن استعار الطبل البلدي القديم.. وفي ظل الهموم المركبة للمواطن والتي طالت غذاءه وصحته ولم تقف عجلتها حتى التهمت مستقبل أبنائه ووضعتهم في خانتين ضيقتين هما البطالة أو الدوران للبحث عن مقاعد دراسية داخل الجامعة أو أي معهد.
ولا أعرف في أي رأس يمكن أن تدق هذه الشكوى، فأصحاب المدارس الخاصة لهم منعة تمكنهم من فعل ما يريدون جهارا نهارا؛ ولكي تروا هذا الاستبداد، فسوف أورد لكم نموذجا مما تعلنه المدارس الخاصة مع بداية كل عام دراسي (وهي مدارس متواضعة لا تقارن بتلك التي تصل رسومها للطالب الواحد إلى مائة ومائة وخمسين ألفا، وهذه فئة لو دفعت نصف مليون فهي لا تعنينا لأنها تنفق من سعة)، ليكن النموذج المدارس الخاصة المتواضعة، فهي تعلن إعلانين متجاورين يظهران الفوارق المهولة بين ما تبتلعه هذه المدارس من رسوم وما تغمطه من حق بالنسبة لمعلميها..
يقول الإعلان الأول: يسر إدارة مدارس (.........) أن تعلن عن فتح باب التسجيل لعام 1430 وفق الجدول التالي المبين للمرحلة ورسومها:
التمهيدي 6000 ريال، الابتدائي 9000 ريال، المتوسط 12000 ريال، الثانوي 15000 ريال، رسوم التسجيل 1500 ريال، المواصلات 3000 ريال (انتهى الإعلان الأول).
بينما جاء الإعلان الثاني ومن المدرسة نفسها كالتالي: مطلوب معلمات جامعيات في التخصصات التالية: لغة عربية، رياضيات، كمياء، فيزياء، لغة انجليزية براتب 1200 ريال (انتهى الإعلان الثاني).
ولو أردنا المقارنة فستكون النتيجة مخجلة، ولأنه لن يخجل أحد من المسؤولين عن هذا الوضع، فلا ضير أن نفصل في المسألة، فالمدرسة (أو المدرس) في هذه المدرسة الخاصة ستكون يوميتها بأربعين ريالا أي أن الحصة التي ستقوم بالشرح فيها يكون أجرها خمسة ريالات فقط (ويابلاش).
طبعا، لن يثير هذا الموضوع أحدا من المعنيين بمراقبة التعليم الخاص، ولن يبكى أحد على المعلمة أو المعلم اللذين ينحران على نطع المدارس الخاصة، لذلك سننافق الجهات المعنية بهذا الشأن ونقول للمعلمات والمعلمين بلاش تفتحوا عيونكم، وسيبوا الحسد ولا تكن عيونكم فارغة، فرسوم التسجيل التي تحصل عليها المدارس الخاصة هي أموال استثمارية تعود بالنفع للبلاد والعباد، أما أنتم فيكفي أنكم تعلمتم وامتلكتم سلاح العلم، والواجب عليكم إهدار وقتكم وجهدكم ودمكم من أجل المستثمرين الذين ستكون أموالهم عزا لنا وفخرا نفاخر به الأمم على ازدياد الأثرياء في البلد.. فكما تصوتون لأحد المشاركين المحليين في البرامج الفضائية ليفوز، وتخسرون المال من أجل ذلك يجب عليكم أيضا أن تدعموا أثرياء البلد ليبلغوا الدرجات العليا ويصنفوا ضمن قوائم أثرياء العالم، فاصبروا حتى وإن أراقوا دمكم ومصوا عظمكم.
بقلم الاستاذ عبده خال
مص العظم و لا حياة لمن تنادي
العرض العادي
