وأي دلال !!. ذلك الدلال الذي هو من وهم و خيال الآخرين ونسجهم. أي دلال ذلك الدلال الذي ينوشه العناء و تتقاذفه الأعباء ويحاصره ضيق الوقت الذي لا يكفي فيه العمل لأربع و عشرين ساعة. أي عناء و أي دلال؟ إنه عناء الدال المثقلة بالأعمال الإدارية و دلال الدال التي يقتصر عملها على التدريس فقط ، إنه عناءٌ محبب لدى من ارتضين بأن توكل لهن مناصب إدارية لأنه عناء مقرون بمتعة العطاء للوطن و المساهمة في المسيرة التنموية وهن يشعرن بالفخر و التشريف لقيامهن بهذه الأعمال لأنها صدى لثقة المسئولين بهن.
لقد حظيت بالانضمام إلى حلقة في معهد الإدارة العامة بعنوان (( الإدارة تحت ضغوط العمل )) و لم أتعجب عندما رأيت جميع المرشحات في هذه الحلقة هن ممن حصلن على لقب الدال وتناثرت همومنا يمينا و شمالا، وكان جُلّ حديثنا عن كم هي مثقلة عضو هيئة التدريس الموكل إليها عمل إداري و مشتتة بين العطاء الأكـاديمي و العطاء الإداري.
فحاملات الدكتوراه عندما يمتزج عملهن الأكاديمي بالإداري هن شريحة متميزة متألقة في المجتمع، شريحة معطاء ، تجزل العطاء لتساهم في البناء، هي شريحة كادحة، فزخرفة اسمها بحرف الدال يتطلب منها الكثير، فهي في المقام الأول الأستاذة التي تقوم بتدريس مقررات عالية المستوى سواء للبكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، و لأنها لا تريد أن يتوقف زمن العلم عندها و يتجمد فهي تسعى لتطوير نفسها أكاديميا وذلك بالإطلاع على الكتب و الأبحاث الجديدة لمواكبة مستجدات تخصصها، وعندئذٍ يقع على عاتقها مهمة الإشراف على رسائل الماجستير أو الدكتوراه و ما تواجه من متاعب في هذه الرحلة العلمية الممتعة التي قد تمتد إلى أربع سنوات ، لترسو أخيرا على شاطئ الشعور بالمتعة العلمية لأنها أضافت لبنة جديدة للبناء الجامعي الشامخ . حتى إذا ما كلفت بالعمل الإداري نجدها لا تقل كفاءةً و عطاءً في عملها هذا عن مهماتها الأساسية حيث أن الدال يمكنها العطاء في العمل الإداري أكثر من أي شخص أخر. ناهيك عن دورها في خدمة المجتمع من تقديم الاستشارات و الانضمام للجان و المشاركة في ورش العمل والندوات و المؤتمرات. أما عن دورها كأم فهو أيضا من الأدوار المحببة لها،لأنها في خضم جميع هذه المشاغل قادرة على أن تجيده و تحاول أن تقوم به دون تقصير و لا يعفيها عند عودتها من العمل ودخولها المنزل متعبة سماع صياح ونواح أطفالها و تنازع حقيبة الدال للبحث عن الحلوى و ما يتبعه من بعثرة أوراقها المهمة التي أمضت وقتها في المكتب في انجازها. بالإضافة إلى واجباتها نحو راعي مملكتها الصغيرة التي تحرص على عدم التخلي ولو عن جزء بسيط منها، والسعيدة من كان زوجها متفهماً لطبيعة عملها و متطلباته.
وأخيرا فإن الدال المثقلة بالعمل الإداري يكون التناسب طردياً بين تراكم الأعباء الإدارية وطبيعتها الأنثوية التي تبقى في خدمة الجميع مبتسمة متألقة رغم زحمة الأوراق..
همســة ود
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
و تأتي على قدر الكرام المكارم
و تعظم في عين الصغير صغارها
و تصغـر في عين العظيم العظائم