لا بد أن كل واحد منا عندما يسافر خارج المملكة، ليس الدول الغربية بالضرورة وإنما دول الخليج المجاورة، تداهمه أسئلة كثيرة عندما يشاهد واقعا مختلفا كليا عما يعيشه في بلده. وليس مقصودا فقط الخدمات العامة المتطورة التي نفتقدها ولكن تصرفات الناس، المواطنين وغير المواطنين.
مثلا، عندما تركب سيارة الليموزين التي يقودها السائق الآسيوي تسأل نفسك أليس السائق لدينا من ذات البلدان وذات الثقافة، فلماذا هو في البلد الخليجي نظيف الملبس مهذب التعامل لبق الكلام، ولماذا سيارته نظيفة جديدة زكية الرائحة، ولماذا هو يؤدي عمله بانضباط دون ثرثرة، ولماذا لا يسمح لك بتدخين سيجارة، ولماذا لا «يقرفك» بالتفاوض على أجرة المشوار أو يصيبك بالرعب من قيادته كما هو الحال لدينا. وعندما تقابل أي عامل في متجر أو مطعم أو موقع خدمات لماذا تجده يعمل منتظما كدقات الساعة، وبصدق وإخلاص وأمانة.
تفسير المسألة بسيط ومباشر: لأنه يرى المواطن منضبطا وملتزما لا يرتكب مخالفة ولا يتجاوز نظاما أو يخرق قانونا. ولماذا المواطن كذلك؟ أولا، لوجود أنظمة وقوانين واضحة وصارمة، وثانيا لأنها تطبق على الجميع ولا يستطيع أحد أن يكون فوقها أو أكبر منها، وبالتالي فإن الأجنبي عندما يرى هذا الوضع فإنه لن يفكر أبدا بأن يكون نشازا.
كل ما تمارسه العمالة لدينا من فوضى هو نتيجة مباشرة وسببية لواقعنا وتصرفاتنا، فإذا تحدثنا عن الأنظمة والقوانين فإننا نسمع بها ولا نرى تطبيقا لها. ما أكثر الأنظمة لدينا لكن معظمها في الملفات، وبالتالي فإنه لا شيء يضبط إيقاع الحياة اليومية ويردع فوضى البشر في كل مكان، وبالتالي اعتاد الناس على مقولة «مشي حالك» التي تعني أن بإمكان أي أحد أن يفعل ما يشاء أمام أنظار الآخرين وغير عابئ بحساب أو عقاب. وعندما يراد لنظام ما أن يطبق فإن المواطن لديه قناعة راسخة بأن التطبيق انتقائي وهذا ما يدفعه للتمادي في المخالفات كرد فعل نفسي تجاه هذا الوضع المختل. وعندما يكون هذا واقعنا فماذا نتوقع من المقيم بيننا وهو يشاهده ويعيشه؟
إن تصرفات المقيم هي انعكاس لتصرفات المواطن، وتصرفات المواطن هي انعكاس لأوضاع تفتقر إلى صرامة القوانين والأنظمة وعدالتها في التطبيق.
حمود ابو طالب
عكاظ