الهلال والنصر.. وسنوات الضياع!
حافظ المدلج
هل تذكرون هتافات الجماهير قبل سنوات: "موت.. موت.. يا...." التي تهز المدرجات قرب نهاية مباريات الهلال والنصر؟ ربما لا يذكرها حديثو العهد بديربي العاصمة، ولكنكم تذكرون الأزمة التي أحدثها إلغاء هدف النصر براية "الكابلي"، وكيف تحول الملعب إلى صفحة سوداء نتمنى مسحها من تاريخ الكرة السعودية عموماً ولقاءات الفريقين خصوصاً.
من يتعايش مع هذا الشحن يتوقع أن الهوة واسعة بين المعسكرين الأزرق والأصفر، وربما يعزز هذا الشعور كتابات يتبناها إعلاميون نذروا أنفسهم لإذكاء نار التعصب وتوسيع شقة الخلاف بين الأشقاء حتى أصبحت الصورة قاتمة تشوه الوجه الجميل لكرة القدم السعودية.
ولكن يظهر بصيص نور.. ولا أقصد هنا "نور" أحد المسلسلات التركية الذي ضاعفت نسبة السياحة إلى تركيا، لأن قلوب البنات تعلقت برومانسية "مهند" وعقول الشباب سلبها جمال "لميس"، ولكني أتحدث عن "نور" الأمل بانتصار الوعي على التعصب، وقد رأيت هذا النور عند لقاء لجنة دوري المحترفين السعودي بممثلي الأندية في جدة، حيث جاء "أحمد الخميس" في نفس السيارة مع: "علي حمدان، سلمان القريني، عامر السلهام"، وأغتنمت الفرصة وعزفت على وتر التقارب بين الفرقاء، فكان التجاوب يبشر بالخير، وتمنيت عليهم أن تشهد الرياضة السعودية المباراة الودية الأولى بين الناديين، وهي فرصة لا تعوض بوجود أكثر الرؤساء مثالية "عبدالرحمن بن مساعد، وفيصل بن عبدالرحمن". ووافق الأربعة وتفاعل ممثلو الأندية مع الفكرة، وبقي التنفيذ يحتاج دعم الجميع.
هل يعقل أن "اليونيسيف" قدمت اقتراحاً قديماً بإقامة مباراة خيرية بين الجارين، وتمر "سنوات الضياع" وتضيع المبادرة النبيلة بسبب بعض العقليات المتحجرة التي ترفض إذابة الجليد بين أشقاء لا يفرقهم سوى التعصب الأعمى الذي يتحمل الإعلام الرياضي مسئوليته الأولى. كم يحزنني أن دولاً تفرقها السياسة وقامت بينها حروب استثمرت الرياضة في تخفيف التوتر، بينما يعجز الهلال والنصر عن لعب مباريات ودية رغم أن الود موجود بين رجال الناديين من إداريين ولاعبين، فقد رأيت المودة تجمع ياسر وسعد وتمنيت أن يركز عليها الإعلام بدلاً من محاولة التفريق والمفاضلة بين عينين في رأس المنتخب الوطني.
الإعلام سلاح فعال للخير والشر، يعتمد على من يتحكم بهذا السلاح، فبإمكان الإعلام الرياضي أن يقرب الفرقاء وبإستطاعته زيادة الفرقة بينهم، فالود الذي يجمع أغلب الهلاليين والنصريين لا يقل عن المودة التركية التي فتنت الجماهير في المسلسلين، والخلاف الذي يطرأ أحيانا بين المعسكرين لا يعدو كونه خلافاً أشقاء يحدث في البيت والعمل والمسلسل التركي، ويبقى الدور الأهم على وضع الأمور في نصابها فإن ضخمها الإعلام تحولت إلى أزمة، وإن تعامل معها بحكمة ووعي ذاب الخلاف وقويت الروابط. وأختم بطرفة تقول:"أن أسرة سعودية سائحة في تركيا ضاع أبوهم، فأبلغت الأم الشرطة بضياعه فطلبوا مواصفاته؟ فقالت: أشقر ونحيف وعيونه خضرا وله عوارض!! قالت البنت لأمها: بس هذي مو مواصفات أبوي! فنهرتها الأم: أسكتي يمكن يغلطون ويعطونا مهند". ابتسموا.. ولنجعل الابتسامة مفتاح التقارب بين كل الرياضيين، فتبسمك في وجه أخيك صدقة، وعلى دروب الوعي نلتقي،،،
الهلاال والنصر.. وسنوات الضياع
العرض العادي
