أمران لانزال نمتلكهما في هذا الزمن الرديء، والصعب،، يجعل قدرة الاحتمال في المواجهة مع الحياة، والناس، والأخلاق، والتفسخ السياسي، والكذب، والدجل ممكنة إلى حد قد لا يسوغ التفاؤل بقدر ما يعطي فسحة من رفض الكآبة، والتفتت، والانهيارات. وممارسة العيش وكأنه عبور إلى ما يفضي لشيء نحلم به، وإن لم نطلءه، فالأحلام أحياناً هي نوع من التحدي للأقدار المفروضة بفعل حماقات، وجهل، واستبداد، ووحشية بعض السلطات في هذا الوطن العربي، والزعامات السياسية التي وصلت بها النرجسية إلى حد التصنيم، وإن كان هذا ليس مبرراً ولا مسوغاً للإنسان أن يمارس الرفض، فنحن نصنع أقدارنا بأنفسنا، وإذا تركنا لزعامات العسكر، ومن تصنعهم زعامات العسكر ليقرروا مصائر الناس فهذا عجز وفشل في مشاريعنا، وفهمنا لوعي الرجل، الرجل الذي قال "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً..".
قلت أمران لانزال نمتلكهما.
نعم: قلت أمران.
الكتابة كسلوك احتجاجي صارخ على كل هذا التفسخ السياسي الذي أصبح خبزنا اليومي، ووجعنا الدائم والمستمر، وما يثير حالة الغثينان فينا، فقد انتقلنا من كذب، ودجل الأحزاب في الوطن العربي، ومتاجرتها بقضية الإنسان فيه، تحت شعارات مخادعة، استهلاكية، ساقتنا إلى هزائم في التاريخ، والجغرافيا، والإرث الحضاري، والإنساني إلى زمن "ولاية الفقيه" و"عصمة الإمام" والانتصارات الإلهية، وأمنية من تقول الخرافة بأنه سيقود جيش المهدي ".. علينا أن نتمنى أن تعم الفوضى (....) بأي ثمن، لنرى عظمة الله"!!؟
هذا أمر..
الكتابة كتقطيب للجراح.
وفيروز، هذه الرائعة التي تعطينا يومياً فرحاً، وتمنح للحياة روعتها، وتعطي الجمال، والحياة وصفاء الروح، ولو لم تكن فيروز في حياتنا كم تكون الأشياء سوداوية، وموغلة في التكهف.
بهذين الأمرين لانزال نصارع، ونفاضل كي تكون الحياة محتملة. ويتوفر في مساراتها شيء من إحساس الكائن بوجوده ممارساً حقه الطبيعي في الرفض، والإصرار على العطاء، والإنتاج، والخلق، والإبداع، وأن يحافظ بكل قدراته على تحويله من قبل زعامات الطوائف، والقبائل، والمذاهب، والمتسلطين إلى حطام بائس، وتعيس، ومفتت، ومرتهف.
غبت عن الكتابة فترة..
اجتاحني ما يشبه الجنون.
دمرتني حرب تموز العبثية، التي قاتل فيها جيش المهدي، والأساطير..!؟
كانت حافزاً على التفكير، وإعادة قراءة تاريخ هذه الأمة التي تحولت إلى طوائف، ومذاهب، وفرق، وملل، وكل فرقة تعتقد أنها الفرقة الناجية من النار، والباقي حطب جهنم..!؟
ولم تكن حرب تموز العبثية إلا مقدمة لكي تتساءل الآن، وبالذات يومي الثلاثاء، والخميس الداميين عن هويتك.. هل أنت سني.. أم شيعي..!؟