ألهاكم التكاثر

ذات يوم - كان ذلك في سبتمبر 1926 - كنت انا واليزا ( زوجته )ننتقل بقطار الانفاق في برلين عائدين الى بيتنا كنا بعربة الدرجه الاولى التي يستقلها الاغنياء وميسوري الحال 0 وقع نظري بطريقه عفويه على الرجل الذي كان يجلس مواجها لي كان يرتدي ملابس انيقة غالية الثمن كان من الواضح انه من رجال الاعمال الناجحين وكان يضع حقيبة اوراق ومستندات غالية الثمن على ركبتيه كما كان يضع في احد اصابعه خاتما ماسيا ثمينا 0حين طاف بصري بوجهه لم اجد أي اثر للسعاده كان يبدو عليه القلق لم يكن قلقا فقط بل تبدو عليه التعاسه ونظرته تحملق الى لا شئ وزاويتي فمه متقلصتان كما لو كان يعاني ألما وحتى لا ابدو صفيقا حولت بصري عن وجهه ونظرت الى من كانت بجواره كانت سيدة أنيقه تحمل ايضا على وجهها علامات التعاسه كما لو كانت تتمثل في عقلها تجربة ما غير سارة أو تمر بتجارب سيئة وحياة تعسة تسبب لها الاما داخلية الا انها كانت ترسم على شفتيها ابتسامة مرسومه جامدة ربما اعتادت عليها 0
بدأت اتطلع الى كل الوجوة في العربة التي كنا بها كانت كلها وجوة تنتمي الى طبقة تنعم بملبس ومأكل جيد 0
كانت ظاهرة غريبة لم ار من قبل كل هذا الكم من الوجوة البائسة التعيسه او ربما اني لم ادقق كثيرا في وجوة الناس في اروبا من حولي 0 كان انطباعي من القوة حتى انني همست به الى اليزا فراحت هي الاخرى تتفحص خفية الوجوة التي تحيط بنا بخبرة الرسامة التي لها دراية بتفحص ملامح الوجوة قبل رسمها بالفرشاة 0 استدارت الي مندهشة وقالت : انت على حق يبدو كأنهم يعانون عذاب الجحيم 000 لا ادري ان كانوا يعون معاناتهم ام لا 0
عدت الى البيت وما زلنا نفكر بما رأينا تطلعت بالصدفة الى مكتبي كانت علية نسخه مفتوحه من القرآن كنت اقرأ فيه قبل خروجنا وبصورة الية التقطت المصحف لاعيدة الى مكانه حين هممت بإغلاقه سقط بصري على الصفحة التي كانت مفتوحه امامي وقرأت : ( الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذا عن النعيم )
وقفت لحظات مشدوها وانا احبس انفاسي وأحسست ان يداي ترتجفان فناولته لليزا وقلت لها : اقرئي هذا الا تجيب هذة السورة على ما رأينا في قطار الانفاق0
لقد كان القرآن يتضمن الاجابه اجابة حاسمه قضت على كل شكوكي واطاحت بها بلا رجعة ايقنت يقينا تاما ان القرآن الذي امسكة بين يدي من عند الله ومع انه امام الناس منذ ثلاثة عشر قرنا مضت الا انه تنبأ بما سيأتي من عصر الي معقد 0
لقد اتصف البشر بالطمع في كل العصور الا انه لم يصل الدرجة التي اصبح عليها في عصرنا حتى انه تحول الى هاجس يعمي الابصار 0 تطلع ورغبة لا تقاوم للاستحواذ على المزيد الحصول على المزيد اليوم اكثر مما حصلنا بالامس والحصول في الغد على اكثر مما حصلنا عليه اليوم عفريت يركب اعناق البشر ويجلد قلوبهم ويدفعهم الى الركض نحو اهداف تومض وتبرق على البعد وبمجرد ان يحصلوا عليها يكتشفون ان هناك اهدافا اخرى اشد بريقا جوع لا يشبع لتحقيق مكاسب لا تنتهي وينخر في روح الانسان : كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم
ايقنت ان تللك الايات لم تكن نتاج حكمة رجل عاش من ثلاثة عشر قرنا في الجزيرة العربية لم يكن بمقدورة مهما اوتي من حكمة ان يتنبأ بهذا العذاب النفسي والمعنوي والتعاسة والجحيم الذي سيصيب ابناء القرن العشرين 0
كان الصوت الصادر من القرآن الكريم اعظم كثيرا من صوت محمد
( من كتاب الطريق الى مكه تاليف ليوبولد فاس الذي اسلم وتسمى محمد اسد )

بارك الله فيك

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

اخي خالد بارك الله فيك للقصة الراائعة والموعظة منها وللاسف يااخي هذا مايحصل ولقد اتصف اكثر البشر بالطمع الذي تحول الى هاجس يعمي الابصار ويلهثون وراه دون تفكير وكأن الدنيا دار الخلود ولايعلمون ان هادم اللذات في اي لحظة وينتهي كل شيىء
وفقك الله اخي خالد للبداية الموفقة والقيمة وننتظر منك التواجد والتميز الدائم اسعدك الله وجزاااك خيرا


تحيااتي وتقديري

"خالد العلي"
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

طرحك حلو ومفيد أخي خالد جزاك الله كل خير


لاهنت ويعطيك العافية