أنا متفائل بوصول معالي الدكتور عبدالله الربيعة إلى منصب وزير الصحة لسبب بسيط ، وهو لأنه يعرف أكثر من غيره أن المهارة الطبية لا تتوفر لكل الأطباء بنفس الدرجة ، حتى على افتراض توفر كل الإمكانات ، وهو الطبيب الماهر في تخصصه ، والتي تأتيه الحالات من كل أصقاع الدنيا من مصر إلى العراق إلى المغرب وليبيا وبولندا وغيرها ، وهو تفاؤل مقرون بالرجاء من معاليه بأن يلتفت إلى أولئك الذين يرقدون في أقسام العناية المشددة في مستشفيات المناطق ، من البسطاء وغير القادرين ماديا ، ممن يُصارعون غيبوبتهم بانتظار أن يشغر سرير في إحدى المستشفيات الكبيرة لينقلوا إليه لإكمال علاجهم .
مشكلة هؤلاء الذين يطول بقاؤهم في العناية أنهم يفتقدون المال كما يفتقدون الواسطة ، وقد يكون وصولهم إلى القبر أسرع من وصولهم إلى ذلك السرير المنتظر ، والأعمار بيد الله ، لكن المأساة كل المأساة أن التقارير التي تكتب عن حالاتهم غالبا ما يُعدّها أطباء أخصائيون وليسوا استشاريين أو حتى أطباء من خارج التخصص تماما . مما يوحي أحيانا بعدم وجود أيّ أمل من نقلهم ، وهو ما حدث غير مرّة مع حالات كانت تقاريرها تشير إلى عدم جدوى نقلها ، وأن العلاج الذي تتلقاه في المستشفى العام لن يختلف عمّا سيحدث فيما لو تمّ نقلها إلى العاصمة ، في حين أنها حينما استطاعت أن تصل إلى المستشفيات الكبيرة بال ( فزعة ) والنخوة وال( تكفى ) .. كتب الله لها الشفاء ، وعادت من غيبوبتها إلى الحياة ، مما يعني أن بعض التقارير الطبية التي ترسل عن تلك الحالات إلى المستشفيات المرجعية قد لا تكون دقيقة دائما وهو ما يفوت عليها فرصة الإفادة من فارق المهارة الطبية والإمكانات ، وأعرف على المستوى الشخصي أكثر من حالة ما كان ليتمّ إخلائها طبيا بحكم أن التقارير التي صدرت بحقها لا تترك لها أيّ مساحة للأمل بشفائها سوى انتظار الفرج من الله ، في حين أنها حينما وفقت في التسلل من حصار ( عدم الأمل ) وحصار ( السرير الذي لا يشغر ) إلا بشق الأنفس وجدت فرج الله هناك . وعلى افتراض أن الإمكايات متشابههة ، وهي لا تتشابه بالتأكيد ، فإن الأطباء ليسوا سواء ، بدليل أنه لا توجد نسخة ثانية من معاليه في مجال تخصصه ليس على مستوى الوطن وحسب ، وهذا ما يجعلنا باسم أولئك المرضى من البسطاء من عامة الناس ، وممن لا يعرفون هل ال ( vip ) دواء للحموضة أو مشروب غازي أو مرتبة طبقية .. أن يتبنى فكرة إيفاد الاستشاريين الكبار في زيارات دورية لمستشفيات المناطق للوقوف على تلك الحالات المنوّمة في أقسام العناية ، ومراجعة ما يُكتب عنها من تقارير للتأكد من جدوى إخلائها من عدمه ، وهذا ما سيمنع نقل الحالات التي تنقل بالواسطة ، ويوفر تلك الأسرّة المشغولة بها لمن يحتاجها فعلا ممن لا يصل صوت أنينه .. فإن لم نتساوَ في المرض فلن نتساوى في الصحة .