[frame="15 98"]
في مدينتي كل الشوارع مضيئة ٌ
و كل المقاهي مترفة
كل العيون ملونة
كل الأجساد مشبعة
بأرقى انواع العطور الباريسية
في مدينتي كل الناس مبهــِرون
و كلهم يتقـنون فن التعبير
و الجدال و المراء
و يفهمون في كل شيئ
في مدينتي يرسمون بالكلمات ممالك
تزينها الشموع و الهالات
و السجع و التشدق
و انواع الاشاعات
في مدينتي لا يوجد ابكم
الكل يتكلم
الكلُ يرسم لوحات ٍ
و يتوه بداخلها
لينسى واقعاً - كل مافيه مزيف
مسموح ٌ في وطني للانسان ان يحلم
و أن يبكي وحيدا .. و أن يتألم
في وطني لا احد بالجراح يهتم
و لا احد يمسح من المآقي الدمع
انا في مدينة ٍ جامدة ٍ بلا مشاعر
أعيش في جنباتها وحيدا حائراً
يخنقني الزحام و يحيط بي السأم
انا في مدينةٍ الكل في ثناياها مسافر
الى خارج حدود الأمكنة
الى غير المتوقع
أنا في مدينة ٍ قاسية ٍ
كل من فيها يلهث
انا يا مدينتي لا اطيق الكلام
و اعشق الابتسام
و احب الاشياء البسيطة
فرب همسة ٍ رقيقة ٍ تفرحني
و رب نظرة ٍ تجعل مني كالبركان
عذرا سيدتي
فقد خانني التعبير
في واقع ٍملون
جعل الجميع يختبؤون خلف الأقنعة
عذرا ان خانني حدسي
فحدسي ما بات ملكي
لعبت به الأهواء
في زمنٍ لم أعد انتمي له
اعذريني
فانا اعيش فوق جبل ٍمن همهمات
يأخذني الى قمته
لأجلس منتشياً فوق الغيمات
و فجأة
ينهار ُ الجبل ...... و انا معه
فنسقط في هاوية الكلمات
و حين نسقط يصبح العشق سلعة ً
و وسيلة اكتساب
احبولة ًيمارسها البلهاء
بات الكلام في زمني مجوفاً
كالصوت حين يفرغ من صداه
و باتت المشاعر تنبع من الحناجر
و الحناجر ما خلقت للبوح ...
البوح أعمق من أن يسكن الحناجر
و صمت القلوب سيبقى دوما
اكثر بهاءاً و جلالاً
من كل الكلمات
و ابلغ من الصهيل و من العواء
لا تلوميني سيدتي ان خانني
فكري
و حدسي
و قلبي
و اللسان
ففي خضّم الزحام
سرقوا احلامي
و حبيبة قلبي
سرقوا ما في جيبي
و اعطوني وعودا
لفوها لي في ورق السولفان
و انا تعجبني الألوان الزاهية
و يعجبني اللمعان
فرحت بها جدا
لم افتحها
و بقيت مثلي في ذاكرة النسيان
بشاعة ٌ ... ان تختزل آمالي
في بضعة كلمات
تتالت الوعود في مدينتي
و صارت ركام
لا تلوميني سيدتي
فأنا كالطير الذي يعيش
فوق متن الركام
في مدينة الكلام و الشعارات
بات الكلام غير متصل ٍ بالمشاعر
و الفضل يعود دوماً
لتجار المشاعر
و جهابذة الكلام
عزيزتي :
لا تقرئيني اليوم
فأنا مشـَوشٌ
تكالبت على مدني جحافل الاحزان
لكني لأجل عينيك
سرقت نفسي .. من نفسي
و أرغمتُ انف الكلمات
فابحثي لمفرداتي عن وطن ٍ
و هوية ٍو كيان
و انظري لي جيدا
فأنا مبتسمٌ جداً
لا لشيئ ٍ
لكنها ... تنحني امام لحظيك
كل القواميس و كل اللغات
و تنتشي فرحاً ان حضرت ِ
مدن الاحزان .
لا ترحلي سيدتي
كي لا تسقط المعاني من رحم الكلمات
و لأجل ان تمنحي الحرف دفئاً
ليبقى غافياً في حضن الصفحات
لا تنظري لي هكذا
و لا تعتقدي اني بريئ ٌ
فقد لوثتني الغربة
و جعلتني مثل البقية
امارس كل طقوس الرياء[/frame]الآتي الأخير