كنت في حوار قبل فترة مع أحد الإخوة العقاريين الشباب والذي اعتبره من المحنكين في مجال التطوير والاستثمار العقاري ويرأس واحدة من الشركات العقارية الكبرى في المملكة وتتمتع شركته بسمعة جيدة وتاريخ حافل، وقد تناقشنا حول الازمة العالمية وتاثيرها على الاسواق العالمية والسوق السعودية خصوصا القطاع العقاري وقد شبه الازمة بعاصفة رملية تاتي فجأة وتبدأ بريح ثم تتحول الى عاصفة تقتلع كلما هو هش امامها.
وقد لايتضح حجم الخسائر مباشرة بل تحتاج الامور الى وقت لحسابها واستيعاب الصدمة، واكبر الخاسرين من تكون اساساته ضعيفة او غير متوقعا مثل هذه الريح التي قد تهب في اي وقت ومكان وبدون سابق انذار وقد تاتي على كل شيء.
هذا يذكرني بالشركات المحلية التي بدأت تظهر عليها أعراض الازمة المالية حتى وإن كانت قليلة، والتاثير السلبي اما من الاستثمار الخارجي في العقارات والاسهم أو في سوق الاسهم المحلي والمضاربة في الاراضي.
هناك شركات توقفت عن العمل وأعلنت عن عدم قدرتها على الاستمرار والبنوك وبيوت التمويل بدات تتشدد في تحصيل مستحقاتها والضغط على الشركات حتى لو أدى الى وضع يدها عليها وإعلان افلاسها.
الشركات العقارية ثلاثة اصناف ، الصنف الاول موجود ولم نسمع له اي صوت او اخبار وهو يعمل على استيحاء قبل الازمة وبعد ظهورها قد يكون من الذين تاثروا ويعمل على تقليل الخسائر.
الصنف الثاني كان ظاهرا بقوة وبعد الازمة لم نعد نسمع له صوتا رغم حملات التسويق التي كانت تملأ وسائل الاعلام ولم يتوقع احد بان تتاثر اعماله ومشاريعه المعلنة وقد يكون ممن دخل في مغامرات سوق الاسهم المحلية والعالمية واهمل عمله الاساسي وقد تكون العاصفة اكلت بعض اساساته.
الصنف الثالث هو الذي مرت به العاصفة ولم يتاثر وكانت مجرد ريح قوية عابرة وهو مستمر في عمله وقد يتباطأ العمل قليلاً ولكنه كان متهيأ ومتوقعاً مثل هذه الأزمات وهو من وضع امواله في مشاريعه وأصول يعمل عليها اعتمادا على الغرض من إنشاء الشركة.
خلاصة القول إن الجميع يمر بازمات، وليس عيبا ان تواجه ازمة وتعترف بها وتظهر امام الناس وتشرح تفاصيل الاضرار الناجمة عنها، خيرا من ان تترك الامر وتحاول التغطية والانكار وتعطي فرصة للغير لتاليف القصص والاشاعات والتضخيم ثم يبدأ الاسلوب الدفاعي الذي عادة مايتسبب في زيادة الاضرار على المدى القريب والبعيد.
الاستثمار في القطاع العقاري يحتاج الى بعد نظر وتخطيط بعيدا عن الارتجالية والقرارات الفردية خصوصا اذا كانت الاموال للغير في الشركات المساهمة المقفلة او العامة وهذه امانة ، ومن باب الامانة ان تستغل هذه الاموال في مجالها وليس من خلال المضاربات في الاراضي والاسهم ، وتعطيل المشاريع بهدف الربح السريع الذي قد تكون نتائجه ريح عاتيه تاتي على الاخضر واليابس، ويذهب مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية معها وعلى المتضرر ان يلجأ إلى القضاء.
خالد عبدالله الجارالله
رياح الأزمة.. وفن إدارة الأزمة
العرض العادي
