تتميز العلاقة التعاملية بين شعب المملكة وقيادتها بأنها علاقة تكاملية متوحدة الأهداف والرؤى والغايات، جذرها الحب والثقة، وفروعها الانتماء الكامل للهوية، والتاريخ، والإرث، ومنطلقاتها قيم وأخلاقيات جامعة ومتوارثة في كل العهود، وقوانينها المسؤولية المشتركة في القرار والمحافظة على الإرث والمنجز، وتسخير كل الإمكانات والأدوات المعرفية عند المواطن والمسؤول لخدمة الوطن والإخلاص له، وحماية أمنه الشامل، وهذه ثوابت العلاقة على مر الأزمنة، فلم تعرف في مصطلحاتها وأدبياتها حاكماً ومحكوماً، أو راعياً ورعية، أوقوننة للتعامل، وأبواباً، وحجّاباً، وأوامر، وبروجاً مشيدة، وانعزالاً عن الهواجس والهموم، وتميّزاً في شأن حياتي، وفرزاً في المواطنة .
منذ فجر تاريخ الدولة السعودية والعلاقة بين القيادة والمواطنين، وبين المواطنين والقيادة علاقة انصهار مبهر في تحديد المسالك والدروب التي تفضي إلى التماسك وتحقيق العدالة، منطلقة من حب متبادل، وثقة مطلقة، وأحاسيس مشتركة يجمعها رابط أن الجميع نسيج واحد عاش نفس الصعوبات والمتاعب عند التأسيس، واشترك في صناعة الوطن، وإرساء مداميك وجوده وتألقه، وتجذّر تراباً، ونضالاً، واستشراف مستقبل، ثقافة في التعاطي مع كل شأن يخدم نهضته وحضوره وتأثيره في القضايا المعاصرة .
لم تأت القيادة من خارج نسيج المجتمع، أو أن وجودها في فضائه طارىء ومختلف عن تكوينه الثقافي والحياتي، وتفاصيل عيشه وقيمه وتربيته، ولم تأت على ظهر دبابة عبر انقلاب تلاه البلاغ رقم واحد، وصادرت الإنسان والجغرافيا من خلال أجهزة المخابرات والقمع والتسلط، وأقصت الناس وأحالتهم إلى كائنات هامشية، ولم تأت من منطلقات أيديولوجيا سياسية، أو طائفية، أوعرقية، أو مذهبية، أو انتماء قبلي، أو فئوي، بل جاءت من رحم الأرض، وحب الشعب الذي توحّد معها في النضالات، والكفاح حتى صار الكيان وجوداً، وهوية، وانتماء يفاخر به المواطن والقيادة من أقصى الوطن إلى أقصاه .
الجهلة والحمقى والمغفلون من بعض المحللين السياسيين في بعض الوطن العربي والعالم لايعرفون تاريخ العلاقة بين الشعب والقيادة، ولايدركون أسس الحب والصدق القائمة بينهما، ويجهلون كثيراً النسيج الانتمائي الذي يربطهما، والقيم الأخلاقية التي كانت تربية ذاتية، وتكويناً سيكيولوجياً أطّرت التعاملات، وكرّست الحب والمصارحة والمكاشفة بين كل الأفراد من قمة هرم المسؤولية وحتى المواطن في مزرعته، أو هجرته، أو مصنعه، أو متجره ، في جامعته أو مدرسته، صغاره وكباره، كهله ويافعه، لذا فإنهم - هؤلاء المحللون - يخلطون كثيراً في تحليلاتهم، وقراءاتهم، واستنتاجاتهم لأنهم ببساطة لم يتعرّفوا على الشعب السعودي وعلاقته مع قيادته، أو أن هناك أهواء وأغراضاً وأحلاماً وبالتالي لاتعني الشعب السعودي على وجه الإطلاق، ولا يلتفت لها .
في لحظة وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله - أصاب الذهول كل فرد على تراب الوطن، وسكن الحزن قلوب الناس، فالحدث فاجعتهم ، ومصابهم، وعند تعيين الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد التف الناس حول القرار، وسافرت القلوب تبايعه، وتتوحد معه، وهذا السلوك الشعبي له حديث .
راشد فهد الراشد
وفاء شعب لقيادة وفية
العرض العادي
