الله الله ست وفيات تسجلها مستشفياتنا الحكومية في شهر واحد، وكأن هذه المستشفيات في سباق محموم لتأسيس يوم الموت الصحي في مستشفيات وزارة الصحة.
ففي مستشفى حائل العام رحلت سيدتان (وإحداهما رحلت مع مولودها) وخرجت نتيجة إحداهما بنفي من الوزارة بأنها لم تمت بسبب انقطاع الأكسجين عنها واكتفى تقرير اللجنة بهذا النفي ولم يوضح لنا الإعلان المنشور سبب وفاتها فإن لم تمت بانقطاع الأوكسجين (أجل ماتت كيف؟) وهذا الكيف لم يجب عنه الإعلان، وفي اليومين السابقين رحلت سيدتان (إحداهما رحلت مع مولودها) إذا المجموع ست وفيات (ما شاء الله).
فأحدث وفاة كانت لفتاة لم تتجاوز ربيعها السابع عشر قضت نحبها في مستشفى النساء والولادة بمحافظة خميس مشيط حيث برر المستشفى الوفاة بأن احتمال الوفاة جلطة في الرئة (حتى هذا السبب لم يكن جازما بل احتمال) وحين يكون التشخيص في الاحتمالات فالوفاة لن تبتعد عن احتمال أن الكوادر المولدة لا تمتلك الكفاءة (وهذا ما أشار له تقرير عن عدم كفاءة أحد الأطباء في مستشفى القنفذة العام)، وقد سبقت وفاة الشابة هذه (بليلة واحدة) سيدة لفظت أنفاسها في مستشفى القنفذة العام بعد أن ولدت مولودها حيث صرح المستشفى بحدوث مضاعفات بعد العملية وتم إسعاف المتوفاة بست وحدات دم لكنها لم تستجب حالتها وازداد تدهورها حتى توفيت.. (ليه حدث النزيف ما تعرفش؟ أصل هذا من أسرار المهنة).
إذا ست وفيات (في عين العدو) تتحفنا بها مستشفياتنا العظيمة وكلهن غادرن الحياة بسبب ولادة.. تصوروا ولادة تضيع ست أنفس، فما بالك بعمليات قلب أو كبد أو كلى.
للأسف مستشفياتنا في حالة ترد عنيفة فقبل هاتين الحادثتين وصلتني ملاحظات وصور عن مستشفى القنفذة الذي يعاني من نقص في كل شيء، وكنت أتحين الفرصة للكتابة عن هذا المستشفى إلا أن تدهوره لم يمهلني كثيرا فقد بادر وسابق بإظهار حقيقته بموت السيدة شريفة التي ذهبت إلى بارئها وعسى أن تكون روحها ثمنا لإنقاذ أهالي القنفذة من مستشفاهم الذي يمكن إطلاق أي اسم عليه إلا اسم مستشفى.
وكنت في المقال الذي نعيت فيه ضحيتي مستشفى حائل العام قد رجوت الوزارة أن تلحق ببقية المرضى داخل ذلك المستشفى قبل أن (يتكل) أحدهم أو إحداهن بسبب خطأ طبي أو بسبب النوم في العسل إلا أن هذا الرجاء لم يسعف الوزارة في تثبيت يدها على ثقب مستشفى حائل حتى انفجر ثقبان في مستشفيين مختلفين قاما بجزر سيدتين إضافيتين.
بالله (اش نسوي.. حطينا يدنا على خدنا ما نفع صرخنا ما نفع) هل يعني أن من الضرورة هجر المستشفيات وتشجيع الأعشاب والقابلات ونعود لعصر (اركب الهوا).