مساجين ساهر و لعبة القط و الفأر

عدد من المواطنين تعطلت حياتهم بسبب تأخرهم عن سداد مخالفات ساهر، والتأخر عن السداد ليس بطرا أو إهمالا أو رفضا بل تأكيد على عدم مقدرتهم المالية على السداد.
والتعطل الحادث في حياة هؤلاء كون المخالف لا يستطيع إنجاز أي معاملة (نقل ملكية، تجديد رخصة، استمارة، إصدار أو تجديد جواز السفر،...) وهناك معاملات أخرى لن يتم البت فيها ما لم يقم المخالف بسداد مديونياته لساهر، فتعطلت حياة الفرد منهم، وقد تراكمت عشرات الآلاف كمديونية على البعض وتحولت من مخالفة إلى عقبة تمنع مواصلة حياتهم حتى أن البعض من هذه الفئة غير القادرة على السداد عرضت على إدارة المرور أن يسجنوا كبديل لعدم مقدرتهم على السداد.
وهذا العرض هو عرض اليائس فلا أحد يقبل التفريط في حريته إلا إذا كان الوضع الذي يعيشه أكثر سجنا من السجن نفسه.
وكما أقول دائما إنه لا يوجد عاقل يرفض نظاما يحقق السلامة للجميع إلا أن أي عقوبة لا ترعي حالة المجتمع التي تطبق فيه تكون عقوبتها (مستبدة)، فالعقوبة لا تكون ذات وجهة واحدة إذا كانت تستهدف غاية، فمن المفترض أن تكون هناك بدائل لتحقيق غاياتها أما الإصرار على نوع واحد من العقوبة وهي العقوبة (المالية) فهذا يجعل (الفأر) يلعب في كل مكان من عقولنا، وسبب فتحنا ملاعب لكل (الفئران) لأن تعلب بعقولنا عدم وجود بدائل للعقوبة، وهذا ما يجعلنا نتساءل: ماذا فعلت إدارة المرور حيال الفئات غير القادرة على السداد سواء تسديدا كاملا أو من خلال التقسيط؟
فإلى الآن لم تلتفت هذه الإدارة لمثل هؤلاء بل واصلت عنادها من خلال الإصرار على الدفع ولم نجد مبادرة حقيقية في استقبال هذه الحالات والبحث عن الطرق الممكنة التي من خلالها نستطيع تطبيق النظام وفي نفس الوقت مراعاة من لا يقدر على الدفع، فإذا كانت العقوبة ممثلة في الغرامة المالية ومن وقعت عليه المخالفة غير قادر على التنفيذ فهذا يعني على الجهة المعاقبة البحث عن وسيلة أخرى لتطبيق العقوبة، فهؤلاء المعاقبين يقول بعضهم لو بقينا على حالنا هذا عشرين سنة فلن نقدر على السداد ولذلك يطالبون بان يعطوا من أموال الزكاة لكي يخرجوا من ورطتهم وبعضهم يطالب بالسجن حتى يسخر الله له من يدفع عنه أو يشملهم عفو الخروج مع المعسرين.
وحيال عجز هؤلاء عن سداد مخالفات ساهر فهل ستواصل إدارة المرور تدبيل مخالفاتهم وابقاءهم أسرى لتلك المبالغ الكبيرة.
أعتقد أن في هذا تعنتا.
وإن كان الهدف من ساهر حماية أرواح الناس فمن الواجب أن تكون المخالفة فيها جانب يحمي حياة الناس من (المرمطة) أيضا وإلا ماذا يعني أن يكون الفرد مطالبا بسداد عشرات الآلاف وهو غير قادر على تسيير حياته وحياة أسرته بما لديه من راتب متواضع؟

بقلم / عبده خال

نظام ساهر عقيم و سلب لأموال المواطنين