لست أعرف ما الذي سوف تقوم به هيئة مكافحة الفساد حين تعلم أن تقرير ديوان المراقبة العامة قد كشف عن أن أجهزة ومؤسسات الدولة صرفت خلال عام واحد مبلغ ثلاثة مليارات وخمسمائة وثمانين مليون ريال دون وجه حق أو سند نظامي، لست أعرف ما إذا كان حماسها للتصدي للفساد سوف يدفعها إلى استنفار طاقتها واستخدام كافة صلاحياتها والتقاط ما ورد في التقرير من هدر للمال العام والعمل على معرفة حقيقة ما انصرفت فيه هذه المليارات التي أشار تقرير ديوان المراقبة العامة إلى أنها صرفت دون وجه حق أو سند نظامي، هل ستنهض هيئة مكافحة الفساد لهذه المهمة، أم أنها ستنتظر ــ كأي جهاز بيروقراطي ــ التوجيه بأن تنظر في الموضوع والإفادة عما سوف يتبين لها.
وريثما يتم التوجيه لهيئة مكافحة الفساد، رغم أن نظامها يمنحها الحق في التحقيق في هذا الهدر للمال العام دون حاجة للتوجيه، فللهيئة أن تنشغل أو تتشاغل بما هي مشغولة أو متشاغلة به؛ من مثل تكلفة مبنى مستشفى، وجودة تعبيد طريق... وغيرها من القضايا التي أصبحت شغل الهيئة الشاغل لها عن قضايا هي أليق بها وأجدر أن توليها اهتمامها.
تقرير ديوان المراقبة العامة أشار إلى أن ما نسبته 69% من الحسابات الختامية للقطاعات الحكومية التي راجعها الديوان عليها ملحوظات، وكذلك الحال لما نسبته 86% من الحسابات والمستودعات التي قام بالتفتيش عليها، و70% من الصناديق الحكومية التي تم جردها، كما أشار التقرير إلى أن الديوان رصد ملحوظات على 93% من العقود التي قام بفحصها ضمن مهامه الميدانية، وكذلك الحال بالنسبة لكافة الحسابات الختامية للمؤسسات العامة التي تمت مراجعتها بنسبة 100%.
باختصار، إن لم يكن هذا التقرير كافيا كي يستفز هيئة مكافحة الفساد للعمل من أجل حماية المال العام، فإن من حق من يستبيحوا إهدار المال العام أن يناموا قريري الأعين معتبرين المال العام هو «المال السايب».
ومن حق المواطنين أن يضربوا كفا بكف، وأن يتساءلوا عن دور الهيئة إن لم يكن مكافحة الفساد الذي يؤدي إلى صرف ثلاثة مليارات وخمسمائة وثمانين مليون ريال دون وجه حق ودون سند نظامي.
بقلم سعيد السريحي
عكاظ