بداية أؤكد للقارئ الكريم أنني لا أملك الجرأة لقول ذلك عن أي مخلوق لقناعتي أن ذلك في قدرة الله فقط... وليس لمخلوق أن يعتقد غير ذلك.... تلك عبارة للأسف يتناقلها بعضنا وخاصة ممن يغسلون الموتى متجاوزين كل منطق وكل عقل..
في رسالة واتس أب أصرت أخت وأخرى.. على أن لا ندعو بالشفاء لمريض لاختلاف طائفته الدينية عنا... هو مسلم هو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .. وغير ذلك هو مريض يطلب منا الدعاء والتوسل لربنا جميعاً أن يشفيه.... لم يقل ادعوا ربكم وأنا سأدعو ربي بل قال ادعوا معي ربنا سائلاً الرحمن الرحيم المعافي الشافي شفاءه من سقم بدنه.... وأضيف اللهم اشف سقم أرواح وفكر كثير منا اللهم عافنا في أبداننا وأرواحنا وضمائرنا..
في حضرة الموت وكفى به واعظاً يصر بعض الأخوة والأخوات ممن يغسلون الموتى على تصنيف الموتى بين مرجو له بالخير حيث إشراقة الوجه والابتسامة... وآخر أو أخرى يتأففون قبل التعبير ثم يقولون نسأل الله العافية فشكله لا يبشر بالخير.. فقد كان أسمر اللون وجهه غير مشرق ولم يكن مبتسماً.. بل وصل الأمر ببعضهم رفض غسل
الميت... باعتبار أنه ليس من أهل الخير... أي بؤس فكري يتغلغل في وجدانهم..
بعض مدعي العلم الشرعي تجدهم أيضا يتطاولون على الله جل شأنه حين يزعمون أن إنساناً ما أصيب بالمرض الخبيث لأنه انحرف فكرياً وهذا نتيجة دعاء أهل العلم عليه... فيما تجدهم ينقلبون بزاوية حادة حين يصاب آخر ممن يرونه صاحب خير بمقاييسهم فيعتبرون مرضه بلاء واجراً ... تطاول مريع على الله، أليس كل مسلم مبتلى وكل مسلم يؤجر على صبره واحتسابه، أليس أمر المؤمن كله خير..(عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) هذا حديث عن رسول الحب والسلام يؤكد أن الخير شامل كل مؤمن ولم يخص به فئة دون اخرى لم يصنف البشر بمقاييسه بل كان الفاصل بينهم الدخول في الإسلام ونطق الشهادتين.
بعض أئمة المساجد بكل ثقة يرجمون من يختلف معهم بالرأي ولا يجدون صعوبة في الدعاء بالويل والثبور على من يطالب بقيادة المرأة للسيارة على سبيل المثال ... ولا يجد حاجة للتحذير من الفكر المتطرف حتى بعد أن اغتالت يد الشر أبناءنا على الحدود زاعمين أنه لم تأتهم تعليمات بذلك.... فهل أتتهم توجيهات لقذف النساء والرجال ممن اختلفوا معهم... أم هي أفكارهم ورغباتهم تحركهم...
في شبكات التواصل الاجتماعي انكشف الكثير من الفكر الشاذ حيث تجدهم يشتمون ويقذفون من يختلف معهم سواء بفكر ينحرف يميناً أو ينحرف يساراً...، تجدهم يصرون على اللعن والقذف والسب ثم يختمون العبارة بالاستغفار والحمد والشكر...، وآخر لا يقل بذاءة في التعبير الساخط والشاتم ثم يؤكد أهمية قبول الرأي والرأي الآخر من باب الحرية الفكرية... وكأن الحرية الفكرية تخصهم وحدهم...
الغريب أن حالة التحجر تعلو في سماء أصحاب الآراء الشاذة من الطرفين حيث تجدهم يغالطون أنفسهم بين رأي ورأي تجدهم أصحاب مواقف متناقضة.. فهم يقولون مالا يفعلون...
د . هيا عبد العزيز المنيع
جريدة الرياض