مدينة السرين ميناء تهامة الحجاز جنوب الليث

السرين هو ميناء تهامة في القرن الرابع والخامس الهجري
يقع جنوب الليث على ضفة وادي حلية بشاطئ البحر
يبدو للباحث ان ميناء السرين نشأ في القرن الثالث الهجري وبلغ ذروته في القرن الرابع والخامس ثم بدأ في الضعف عبر قرنين الى ان اضمحل مع القرن الثامن او التاسع ونامت السرين بعدها في زوايا التاريخ وجهلت الا ان أعاد الاستاذ*حسن ابن ابراهيم الفقيه*احيائها عندما اكتشف الاثار وبحث الموضع ونشر بحثه في جريدة المدينة 1402 ثم اعيد نشره في مجلة العرب مجلد 17 1403.

ويبدو لي ان البلدة نسبت الى السرين أو الواديين (السر اسم مرادف للوادي ولازال بعض اهل السراة يسمون الوادي الضيق سر) نسبة الى واديي حلية وعليب او الشاقتين (انظر الخريطة اعلاه).

.واول نص ورد عند المقدسي في القرن الرابع حيث قال :وناحية عثر مدنها بيش، حلى، السرين….

ثم وصف السرين بقوله: بلد صغير، له حصن، الجامع فيه على باب البلد. مصنعة: وهو فرضة السروات. السروات: معدن الحبوب والخيرات والتمور الردية والعسل الكثير، لا أدري هي مدن أم قرى لأني ما دخلتها.*وتأخذ من مكة إلى يلملم مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى السرين مرحلة
ونقل الاستاذ حسن الفقيه عن مخطوطة كتاب منازل الحجاز للعذري (ت 478هجري) هذا النص:

طريق تهامة كثيرة المدن والخيرات والمخالف والرسائل المتصلة الا انه اكثر وباء وأحر هواء يسيرون من مكة نحو سبعة فراسخ في حصى وبين الساحل جبال فينزلون على نخيل وبساتين ثم يرحلون فيرتقون عقبة في الجبل فتفضي لانخفاض وحصى وأودية الى منزلة وآبار عذبة وآخر واراك ثم يسيرون في برية كالأولى نحو ثلاثة فراسخ الي يلملم من قرى مكة محرم الحجاج بها بناء وآبار وعيون ثم يسيرون في برية الى مدينة السرين عظيمة بسوق وجامع على البحر

ومن أهم النصوص قول مؤلف الروض المعطار:

سرين: مدينة عظيمة في طريق مكة من اليمن بمقربة من يلملم، وفيها أسواق ومسجد جامع، وسورها في البحر، وأكثر بنائها بالخشب والحشيش إلا المسجد الجامع فإنه مبني من المدر، والحمامات فيها من الحشيش والخشب، ولا يستعمل فيها وقود بل يسخن الماء خارجاً منها ويغتسل به داخلها، وماؤهم من السماء، وهي من عمل مكة، وفيها مزارع وشبه حظائر للمواشي، وأكثر زروعهم الذرة والسمسم، والميرة تجلب إليها من عثر وحردة وعثر منها على مسيرة عشرة أيام.

*

وقد عثر الاستاذ حسن الفقيه على شاهد قبر يرجع للامير ابي الحسن يحيى بن علي بن الحسين بن محمد بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بم الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنه المتوفى لثمان بقين من محرم سنة احدى وستين وثلاثمائة.

حسب المؤلف ابن عنبه فقد كان هذا هو أخ لأمير السرين في القرن الرابع الهجري وربما انه هو نفسه تولى الامارة وهذا يدل على ان امارة السرين كان في هذا الفرع من بني حسن ويؤيد هذا ان ابن عمهم كان امير مكة وهو اول من ملك امارة مكة من بني الجون واستطاع البقاء في ظروف صعبة مرت على الامة الاسلامية نتيجة تسلط القرامطة من الشرق والفاطميين من الغرب. ويبدو ان امراء مكة كانوا يسيطرون على السرين ومينائها بل حاولوا التوسع الى ميناء ووادي حلي كما ذكر صاحب العقد الثمين انه في سنة 412 هجري حشد ابو الفتوح أمير مكة* قبائل العرب وحارب رجلا من بني حرام استولى على مدينة حلي فأخذها ابو الفتوح منه.

بقيت السرين مزدهرة بل لعل قمة ازدهارها كان في القرن الخامس كما لمسنا من كثرة النضايب العائدة لذلك القرن .

في القرن السادس يصفها الادريسي (ت 560هجري) بقوله:
وعلى الساحل مدينة السرين وينها وبين حلي خمسة أيام في جهة الشمال والسرين حصن حصين حسن موضعه كثيرة مياهه ولواليه وجابيه شيء معلوم ورسم ملزوم على المراكب الصاعدة والنازلة من اليمن بالتجارات والمتاع والرقيق وجباياته المحصلة يصل نصفها إلى صاحب تهامة ونصفها الثاني يصل إلى الهاشمي بمكة وكذلك من السرين إلى ضنكان مرحلتان.
ومن السرين إلى مرسى السقية(الشعيبة؟) ثلاث مراحل وهي قرية عامرة وبها مستراح للمراكب.ومنها إلى جدة على الساحل ثلاث مراحل .

ثم ذكرها ياقوت في معجمه:

سِرَين: بلفظ تثنية السر الذي هو الكتمان مجروراً أو منصوباً. بُلَيد قريب من مكة على ساحل البحر بينها وبين مكة أربعة أيام أو خمسة قرب جُدَة. ينسب إليها أبو هارون موسى بن محمد بن كثير السريني روى عن عبد الملك بن إبراهيم الجدي روى عنه الطبراني وغيره

واستمرت السرين في حكم امراء مكة ميناءً ثانياً لها ويذكر المقريزي ان ملك اليمن سنة 619 هجري الملك المسعود يوسف بن الكامل قدم من اليمن إلى مكة في ربيع الأول، وقد رحل عنها الشريف حسن بن قتادة، وقدم معه راجح بن قتادة إلى مكة…واستناب الملك المسعود بمكة الأمير نور الدين عمر بن علي بن رسول، ورتب معه ثلاثمائة فارس …وولي الملك المسعود أيضاً راجح بن قتادة السرين وحلى ونصف المخلاف،

وكانت السرين معروفة بهذا الاسم الى القرن الثامن فقد ذكر ابن فهد صاحب إتحاف الورى وقعة بين جيش المنصور ملك اليمن والعسكر المصري في الخريف ين بين مكة والسرين سنة 746 وذكر ايضاً ان عجلان امير مكة أعطى اخويه مغامس ومبارك السرين ثم قال (اعني الموضع المعروف بالواديين ). نلاحظ بداية استخدام الواديين بدل السرين ثم ان بلدة السرين هجرت ولا ندري متى تماماً ربما من القرن العاشر الهجري حيث زادت أهمية جدة وتحسنت وسائل الملاحة وبدأ ازدهار جدة ولعل هذا ساهم في هجر السرين التي تركت ونسي اسمها ولكن المنطقة تعرف بالواديين او الشاقتين اما بقايا البلدة فقد انهارت وأصبحت ركامات يسميها أهل المنطقة المصنعة.

*****